الفتن العظام وسبل الوقاية والحماية منها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إننا يا عباد الله في هذه الدنيا تحت رحمة المولى عز وجل وكل مافيها سواء كان على سطحها أو مختزن في باطنها فالله عز وجل مسخره لنا ولكن يخرج كل شيء بقدر معلوم، فإن من رحمة الله تعالى بأمة الإسلام أنه سبحانه أخبرها بما سوف تتعرض له من الفتن العظام ودلها على سبل الوقاية والحماية منها.
وقد جاء ذلك في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وإن من الفتن التي أخبر عنها ووقعت فيها هذه الأمة وغيرها من الأمم فتنةَ المال، التي تفسد أمور الدين والدنيا إذا أُخذ بغير حق، والمال أذلّ أعناق الرجال، وأنطق الرويبضة في أمر العامة، وسبب قطع الأرحام والقتل بين الإخوان، وأفسد الأخلاق، وضيع الذمم، وغيّر المبادئ، وفتح الباب للناس للتمتع بالشهوات حلالها وحرامها، يدخل صاحبه في دوامة الدنيا فلم يدر بحاله إلا وهو موسد في قبره ينتظر حسابه، وما تجد أحدا من الناس أعطاه الله مالا إلا إبتلي بالغفلة والتقصير في جنب الله إلا من رحم الله تعالى وقليل ما هم، والله سبحانه قرر حقيقة باقية وسنة ماضية إلى أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها، وهي كذلك ميزان الله في الآخرة.
وأن المال ليس بمقياس على علو منزلة الإنسان عند الله عز وجل لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا من عدل الله ورحمته بالأمة بل إن الله سبحانه بيّن أن المال الذي قد يعطاه من لا خلاق لهم من الكفار لن يكون نافعا لهم ولا حائلا عن العذاب الذي يصيبهم، وإن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يتبنى العلم منهجا لمعرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحسبنا قول ربنا جل وعلا في سورة الإسراء ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا” ولقد زخر القرآن والسنة، بأنباء الكون وأسراره، وتفجرت في عصرنا علوم الإنسان، بإكتشافاته المتتالية، لآفاق الأرض والسماء فحان الحين لرؤية حقائق العلم، الذي نزل به الوحي في القرآن والسنة ” حتي يتبين لهم أنه الحق”
ولقد أعلنت البشرية اليوم قبولها العلم طريقا إلى معرفة الحق، بعد أن كبلت طويلا بأغلال التقليد الأعمى، فشيدت للعلم البناء، وفرغت لخدمته العلماء، ورصدت له الأموال، وما أن وقفت العلوم التجريبية على قدميها إلا وبدأت في تأدية رسالتها، التي حدد الله تعالي لها في جعلها طريقا إلى الإيمان به، وشاهدا على صدق رسوله المصطفي صلي الله عليه وسلم، فعندما دخل الإنسان في عصر الإكتشافات العلمية، وإمتلك أدق الأجهزة للبحث العلمي، وتمكن من حشد الجيوش من الباحثين، في شتى الآفاق، وجمعهم في ميادينه، على إختلاف الأجناس، يبحثون عن الأسرار المحجوبة في آفاق الأرض والسماء، وفي مجالات النفس البشرية، يجمعون المقدمات، ويرصدون النتائج، في رحلة طويلة عبر القرون.
فإذا ما تكاملت الصورة، وتجلت الحقيقة، وقعت المفاجأة الكبرى، بتجلي أنوار الوحي الإلهي، الذي نزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، بذكر تلك الحقيقة في آية من القرآن أو بعض آية، أو في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض حديث، بدقة علمية معجزة، وعبارات مشرقة.
الفتن العظام وسبل الوقاية والحماية منها