الدكروري يكتب عن القائم على حدود الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ينبغي علينا أيها المسلمون الإجتهاد في العبادة لأن الوقت ثمين وقد يمر منا دون أن نشعر فروي عن إسماعيل بن أمية قال كان الأسود بن يزيد مجتهدا في العبادة ويصوم حتى يخضر جسده ويصفر فكان علقمة يقول له كم تعذب هذا الجسد فكان الأسود يقول إن الأمر جد فجدوا، وقال غيره قال الأسود كرامة هذا الجسد أريد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فوقع بعضهم أعلاها ووضع بعضهم في أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا حتى لا نؤذي من فوقنا” قال ” لو تركوهم وما أرادوا لهلكوا جميعا” رواه البخاري.
ولو ترك من ينزلون السفينة من أعلاها أولئك الذين نزلوا في قاع السفينة لو تركوهم يخرقون خرقا في قاع السفينة ليحصلوا على الماء بيسر وسهولة من القاع مباشرة حتى لا يؤذوا من فوقهم بالمرور عليهم ذهابا وإيابا لو تركوهم يفعلون ذلك لهلكوا جميعا، لهلك من نزل في أعلى السفينة وهلك من نزل في أسفل السفينة “لو تركوهم وما أرادوا لهلكوا جميعا ولو أخذوا على أيديهم” وهذا هو المنطق منطق الشرع والعقل “لنجوا ونجوا جميعا” وهذا الحديث الشريف يقرر سنة من سنن الله سبحانه وتعالى في الكون، وأصلا من الأصول العظيمة، وهو تكافل أفراد الأمة وتضامنهم، وتعاونهم في سبيل تثبيت دعائم الحق والخير والفضائل، والقيام على حراسة هذه الأصول.
والقضاء على أهل الباطل والشرور والرذائل، وإلا فلا قيام لحق، ولا استقرار لفضيلة، ولا دوام لعزة وسلطان، فانظر كيف كانوا يبررون لفعلهم بانهم لا يريدون الاذى وهم لا يفعلون الا الاذى، وهكذا يكون المفسد باسم الدين، لذا وجب الوقوف ضد هؤلاء وفي ذلك دلالة على أن الناس إن منعوا الفاسق عن فسقه، نجا ونجوا معه، وإن تركوه يفعل المعصية ولم يردعوه، نزل بهم عذاب الله تعالى وهلكوا جميعا، فيقول الله سبحانه وتعالى ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” وهذا ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم حينما سُئل “أنهلك وفينا الصالحون؟” قال “نعم، إذا كثر الخبث” رواه البخاري، فلا يجوز للعقلاء والعلماء والحكماء أن يتركوا السفهاء يشعلوا ويغرقوا سفينة المجتمع.
وليعلم من تسوّل له نفسه، ومن يزيّن له الشيطان العبث بأمن هذه البلاد واستقرارها ومن يقترف جريمة التخريب والإرهاب والإفساد في الأرض فقد وقع في هاوية المكر والخيانة، واكتسب جرما يخزيه أبدا، وسيلقى جزاءه الأليم الذي قدره الله تعالى له، سواء كان هذا المخرب مسلما أو غير مسلم، لأن هذا التخريب والإفساد يقتل ويصيب نفوسا معصومة محرمة الدم والمال من المسلمين، أو غير المسلمين، وقد قال الله عز وجل “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله” فالحذر الحذر أيها الشباب فأنتم عدة أنفسكم وأهليكم ومجتمعكم ووطنكم وأمتكم، وأنتم أملها ورجاؤها بكم تعمر البلاد والعباد، وبكم تنهض وتزدهر، وعدوكم يتربص بكم فسدوا الطريق أمامه، فالبناء كبير، والهدم سهل لكن الإعادة أصعب.