مقالات

القبر برزخا بين الدنيا والآخرة

القبر برزخا بين الدنيا والآخرة

القبر برزخا بين الدنيا والآخرة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد اتقوا الله عباد الله، فلقد جعل الله تعالى القبر برزخا بين الدنيا والآخرة، فهو إنقطاع عن الأولى وإقبال على الأخرى، وهو مشترك بين الدارين، فمكانه في الأرض وهي من الدنيا، وفترة بقاء الميت فيه هي من زمن الدنيا أيضا، ولكن المقبور فيه يعامل معاملة الآخرة لا معاملة الدنيا ولذا كان القبر أول منازل الآخرة. 

 

فتلك الحفرة الموحشة المظلمة أسهرت ليالي الصالحين خوفا منها، وتفكرا فيها، ودعاء بالنجاة من عذابها، فهي حفرة ضيقة يوسد الميت فيها، ثم يهال التراب عليه فلا نفس فيها ولا فرجة ولا ضوء ولا هواء ولا شيء معه إلا كفنه وعمله، ويبلى الكفن ويبقى العمل، وآخر لمسة يظفر بها مقبور من بشر مثله هي لمسة من يوسده في لحده، وآخر نظرة تصيبه هي نظرة من يضع آخر لبنة عليه، ثم ينقطع عن البشر، فلا يبقى إلا العمل، وآخر إحساس له بالبشر في تلك اللحظات حين ينتهون من دفنه، ويتولون عنه وهو يسمع قرع نعالهم كما جاء في الحديث، فيا لها من نهاية تستحق الوقوف عندها، والتفكر فيها والعمل لها، فإنها نهاية قد صار إليها عدد كبير من أقاربنا وأحبابنا وخاصتنا، وحتما سنصير إليها، وسيقف واعظ وخطيب وداعية يذكر الناس بنا. 

 

كما ذكرهم من قبل بغيرنا، ولكن الإنسان ينسى، والقلوب تقسو، والغفلة مطبقة، فكم نحن بحاجه إلى التطهير، وأعني بالتطهير بالتوبة النصوح، فهي هدية من الله عز وجل إلينا أن نتوب فيمح الله تعالي عنا ما مضى، ويغفر الزلات ويقيل العثراث ويضاعف الأجور والحسنات، فاللهم أكرمنا بتوبة نصوح يا رب الأرض والسموات، فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا حاله مع التوبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو من هو، فهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يتوب في المجلس الواحد مائة مرة، وما هذا إلا ليلفت أنظارنا إلى منزلة التوبة وأهميتها وحاجتنا إليها لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ” فمهما حدث من أخطاء. 

 

فربنا تعالي كبير يحب عبده التائب ويفرح به ويغفر له، نحن بحاجه إلى أن ندخل شهر رمضان ونحن على طهارة تامه من كل الذنوب، ولن يكون هذا إلا بالتوبة النصوح، أسأل الله الكريم العظيم أن يتول علينا وأن يغفر لنا وأن يبلغنا رمضان وأن يتقبل منا والله تعالى أعلى وأعلم، وهذه دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته لإتقان العمل في هذا الشهر فإذا كانت أعمالنا ترفع على الله في هذا الشهر وتعرض عليه فعلينا أن نكثر من الطاعات والعبادات ونترك المعاصي والسيئات حتى لا يرفع لنا إلى الله إلا ما يحب، وأن نخلص في أعمالنا ونتقنها ونخلصها من كل شائبة تعيبها وتمنع من قبولها لأن الناقد بصير، وأن نكثر الدعاء إلى الله والتضرع إليه ليتقبل منا ويعفو عنا.

القبر برزخا بين الدنيا والآخرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى