القبور وما يجري فيها عالم عجيب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، والحمد لله الذي رضى من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه وحبيبه أما بعد اتقوا الله عباد الله فإن القبور وما يجري فيها عالم عجيب يدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى، وسعة ملكه، فله سبحانه عوالم أخرى غير عالمنا، لا ندركها بحواسنا ونحن أحياء، ولولا أن الله تعالى أخبرنا عن القبر وما فيه لكان غيبا لا نعلم منه شيئا، فلا يدرك القبر وما فيه بالبحث ولا بالتجربة.
ولا بالتنقيب ولا بالحساب ولا بغيرها من علوم البشر ووسائلهم لا يدرك علم ما فيه إلا بالوحي، ومن لا يؤمن بالوحي لا بد أن يكذب بنعيم القبر وفتنته وعذابه، وقد دل القرآن الكريم في عدد من الآيات على أحوال المقبورين، وفصلَّت ذلك سنة سيد المرسلين المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم فكشف لنا بالكتاب والسنة علم القبر وأحواله وأهواله، وخصت هذه الأمة بعد بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بهذا العلم دون غيرها وذلك ببركة إيمانها وتصديقها بالوحي، وإذعانها له، وذكر أهل العلم أن من أسباب كثرة صيام النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم في شعبان هو قضاء ما قد يكون فاته مما إعتاد صومه بسبب مرض أو سفر أو غزو وجهاد، وقد كان يحب المداومة على العبادة ودعا إلى ذلك.
وقيل أيضا ليكون فرصة لأمهات المؤمنين لقضاء ما عليهن من صيام، كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان يكون عليّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ” رواه مسلم، وذلك لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرأهل العلم أن من أسباب كثرة صيام شعبان أيضا هو إعداد النفس لاستقبال رمضان، فقال ابن رجب ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، وقال أبو بكر البلخي شهر رجب شهر الغرس، وشهر شعبان شهر السقي وشهر رمضان شهر الحصاد، فمن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان.
فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟ وقالوا أيضا “مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر” ومن مشهور قولهم ” لا رمضان لمن لا شعبان له” ومعناه ” أنه لا ينتفع برمضان تمام الإنتفاع إلا من إستعد له في شعبان تمام الإستعداد، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
القبور وما يجري فيها عالم عجيب