الدكروري يكتب عن القلب والإبتداع
بقلم / محمـــد الدكـــروي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله الذي أمرنا الله عز وجل باتباعة والسير علي نهجه ودربة، والتوقير والتبجيل له صلي الله عليه وسلم ومحبته وهي لا تزيد النبي صلى الله عليه وسلم شرفا ولا رفعة لأن شرفه وفضله صلى الله عليه وسلم فوق القمة، فهو سيد الأولين، وأكرم الخلق عند رب العالمين، فيقول صلى الله عليه وسلم عند ما سُئل عن سبب صيامه ليوم الاثنين، قال ” ذاك يوم ولدت فيه” فالنبي صلى الله عليه وسلم عظم يوم ولادته بالصيام لا بالإحتفال، فلماذا لا يسع البعض ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا نترك السنة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم ولادته وهي الصيام ونفعل البدعة وهي الاحتفال، ويقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ” اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم”
ولنعلم جميعا بإن الاحتفال بموالد العظماء والصالحين عادة أخذها المسلمون من نصارى الشام ومصر عند ما رأوهم يحتفلون بميلاد نبي الله عيسى عليه السلام، فقلدوهم في ذلك ظنا منهم أن في هذا تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم، ونسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بهم، وخاصة في أعيادهم ومناسباتهم الدينية، ثم توسع الأمر وأحدث الشيعة إضافة إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم مولدا لعلي ومولدا للحسن ومولدا للحسين، ومولدا للسيدة فاطمة رضي الله عنهم جميعا، وأما اليوم فحدث ولا حرج فقد توسع الأمر أكثر وأكثر، فوجدت الموالد المختلطة، ووجدت الموالد التي يدعى إليها الفجار والمطربون والممثلون لإلقاء الألحان والترانيم كما نشاهده في وسائل الإعلام.
في بعض الدول الإسلامية ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” ويقول ” فإنه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار” ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن هذا القلب كريشة بفلاة من الأرض يقيمها الريح ظهرا لبطن” وفي هذا دليل على أن القلب كانه ريشه لخفته، وسرعة تأثره بالفتن وهو كالثوب الأبيض يؤثر فيه ادنى أثر وهو كذلك مثل المرآة الصافية يؤثر فيها ادنى شيء، وإن القلب عُرضة للفتن فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا”
“فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب انكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين، قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما اشرب من هواه، وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض” رواه مسلم، فالقلب الأول يصاب بمرضين خطيرين هما أنه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وربما اشتبه عليه المعروف بالمنكر، والمنكر بالمعروف وأصبحت السنة بدعة والبدعة سنة والحق باطلا والباطل حقا، وهذا هو قلب المنافق وهو أشر قلوب الخلق، وكذلك تحكيمه هواه وانقياده للهوى، وأما القلب الثاني فهو قلب عرف الحق وقبله واحبه وآثره على غيره، فهو قلب قد أشرق فيه نور الإيمان وهو ينكر فتن الشهوات والشبهات ولا يقبلها البتة.
القلب والإبتداع