الدكروري يكتب عن المطعم يجير المصطفي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين أولا وآخرا، والحمد لله ظاهرا وباطنا، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، والحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، والحمد لله على كل حال، والحمد لله على كل نعمك وعلى كل نعمة أنعمت بها علينا، فمن كان من أهل الحمد في الدنيا، فإنه يوم القيامة ومن أعظم الناس فضلا، وأكثرهم أجرا، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” إن أفضل عباد الله يوم القيامة الحامدون ” وقيل ” الحمادون ” فاللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين الذاكرين، واللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادك، وكفى بالحمد فضيلة أن الملائكة تسارع إلى تسجيله، وتبادر إلى تدوينه وكتابته ورفعه، فحينما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بأصحابه.
ورفع رأسه من الركوع وقال “سمع اللهُ لمن حمده” قال رجل كان يصلي وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من المتكلم؟ قال الرجل أنا يا رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام “لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها، أي يتسابقون إليها أيهم يكتبها أول” فانظر أخي المسلم تتنافس الملائكة لتسجيلها في صحائفك البيضاء، لعظيم وفضل وقدر هذه الكلمات، وعظيم ثوابها، ورفعة درجة صاحبها” وفي رواية لمسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها أولا ” وذكرت المصادر الإسلاميه أنه عندما عاد رسول الله صلي الله عليه وسلم من الطائف وهو علي حدود مكه خارجها.
فقد راسل رسول الله صلى الله عليه وسلم المطعم بن عدي، وهو من زعماء مكة الكبار، وهو سيد قبيلة بني نوفل بن عبد مناف، ليدخل في جوارة وحمايته، وراسله عن طريق رجل من خزاعة، ولكن لماذا راسل رسول الله صلى الله عليه وسلم المطعم بن عدي تحديدا؟ ولماذا اختار رجلا من خزاعة وهي قبيلة غريبة على مكة؟ وذلك لأن لهذا الأمر جذورا في غاية الأهمية، وحتى نفقه البعد العميق في فكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تعالوا نقلب قليلا في صفحات التاريخ. ويعود أصل العرب إلى فرعين رئيسين عدنان وقحطان، أما عدنان فقد سكن نسله في الحجاز ومكة وما حولها، وأما قحطان فقد سكن نسله في اليمن، ثم مع مرور الوقت تفرقت الذرية في كل أطراف الجزيرة العربية.
لكن ظل العرب يدركون الأصول العدنانية والقحطانية لكل قبيلة، فمثلا من أشهر القبائل العدنانية قبيلة قريش، وهي قبيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أشهر القبائل القحطانية قبائل الأوس والخزرج في المدينة، وكانت بدايتهم في اليمن ثم هاجروا إلى المدينة، وكذلك قبائل خزاعة، ونجد في تاريخ مكة فترة سيطرت فيها قبيلة خزاعة على البيت الحرام وكانت لها إدارته والهيمنة على مكة ، ثم جاء قصي بن كلاب وهو من أجداد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحارب خزاعة وطردها من مكة، وسيطر هو على البيت الحرام مع أنه كان متزوجا من بنت زعيم خزاعة، وهكذا فقد حدث صراع قديم بين خزاعة وقريش، وطردت خزاعة من مكة، وهكذا لما وصلت الرسالة إلى المطعم بن عدي.
عن طريق الرجل الخزاعي دارت كل هذه الأمور في ذهن الرجل الحكيم المطعم بن عدي، وفوق حكمته فإنه كان رجلا صاحب مروءة ، لأنه أحيانا تغطى الخسه والندالة على عقل الرجل فلا يرى الأمور على حقيقتها، ويأخذه الكبر والعناد في أمور قد تؤدى إلى الهلكة، ولم يكن المطعم كذلك، لذلك وافق على إجارة الرسول صلى الله عليه وسلم، وخرجت كتيبة مسلحة من بني نوفل تستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحاطت به لحمايته، وسارت به حتى وصل إلى البيت الحرام، فصلى هناك ركعتين، وقام المطعم بن عدي، فخطب في الناس فقال يا معشر قريش إنى قد أجرت محمد فلا يهجه أحد منكم، ثم سارت الكتيبة المسلحة تحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدخلته في بيته.
المطعم يجير المصطفي