الملك النسر (٢٢)
إنسان مع العالم الآخر
بقلم عبدالحميد أحمد حمودة
تحرير: محمد رأفت
ذهب العفريت وجاءت الأميرة أديرا ووقفت أمامه تنظر إليه
-كيف حالك؟ ولماذا لم أسمع صوتك منذ أن فقدت رؤية عالمك؟
– أنا بخير وكنت حزينة لما حدث لك، أراقبك عن كثب ولم أتركك أبدًا
-ما رأيك بما حدث، وبمنعي من رؤية عالمكم، وايضا في الإنسية وما فعلته؟
-منعك من رؤية عالمنا، لا أعرف كيف حدث، إنه شئ قد تجاوز قدراتنا ومعرفتنا به، وما فعلته الإنسية معك كان شيئًا غريبًا جِدًّا بالنسبة لنا، ولم يكن غريبًا بالنسبة لها.
لقد فعلت هذا كثيرًا، إنها متقلبة المزاج، ولها نفس سيئه للغاية، وما كان ينبغي أن تدخلها كثيرًا في حياتك، وحاولت شق طريق لها إلى عالمنا، مع أنها لا تستحق ذلك.
-الحمد لله كشفت حقيقتها في الوقت المناسب، قبل أن أفعل شيئاً أندم عليه فيما بعد
-كنت على وشك تمكينها من دخول عالمنا بالقوة، وكانت ستستفيد من هذا وستقوم بالانقلاب عليك بعد ذلك، وربما ستكون خارجة عن سيطرتك.
عليك أن تعرف جيدًا أن الكثير، يريدون سقوطك، حتى يتمكنوا من القضاء عليك.
-أعلم بذلك، فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
-لكني لا أرى المحارب ، ألم يظهر بعد؟
-أنت تعلم أنه يظهر فقط عند الضرورة
فجأة رآه واقفاً في الصحراء أمامه، يلبس ثيابا بيضاء ترفرف في الهواء، ونور يملأ عينيه ووجهه، كأن الصحراء مشرقة بالنور الذي يسطع منه.
-كيف حالك يا أخي، ألن تقترب أكثر كي أراك؟
-الحمد لله بخير، سأراك قريبا إن شاء الله
-يبدو أنك لا تريد المجيء، هل ما زلت غاضبًا مني؟
-لا يا أخي ، لست غاضبًا منك ، تعودنا على أفعالك، ولا شيء جديد علينا، نسأل الله أن يوفقنا لضبط ما تفعله
-أنت الوحيد الذي يختلف معي كثيرًا حول ما أفعله
-وسأبقى كذلك طالما أن ما تفعله، ليس آمنا
-ما رأيك في مقتل ابن الحاكم علي الملك الأسود وسجنه داخل قصره؟
-من بين العديد من الأخطاء التي ارتكبتها
-لم أرد أن يقتل أحد، فلماذا لم توقف هذا؟
-لقد فعل عفريتك ذلك ، وليس من شأني التدخل فيما لا يعنيني
-أخي شعرت أن نسرًا كبيرًا قد مات، وأغرب ما في الأمر أنني تلقيت رسالة من سارة بأنها رأتني في المنام، وكان نسر فوق كتفي وحلّق واختفى، ما هو تفسير ذلك؟
-بمجرد علمك بما فعلته، كان يجب أن تبتعد عنها، لكنك لم تفعل، ذهب نسر عظيم، يحبك كثيرًا وكان صديق أجدادك، يلاحقها ويحاول حمايتها
حتى زواجها وانتقالها، أرادت شياطين الجن إيذائها، واندلعت حرب كبيرة قتل فيها الأمير النمر ومن معه من فصيلته.
في ذلك الوقت دمرهم النسر، واندلعت حرب أخري كبيرة مع بعض حكامهم، حتى دمرت جيوشه، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن نصره الله عليهم.
-أنا من فعلت كل هذا وقتلته، ما كان يجب أن يدخل هذه الحرب؟
-نحسبه شهيداً والله حسيبه.
(الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)
شعر بالحزن تجاهه، وبدأ يلوم نفسه، على التسبب في الكثير من الخسائر، التي لا يمكن تعويضها.
علاقته بهذه الفتاة السيئة، جعلته يفقد الكثير من أحبائه.
وكان يجب أن يستمع لصديقه محمود عندما أخبره بالابتعاد عن هذه الفتاة.
لكن تمسكه بها جعل الأمور خارجة عن سيطرته، بعد أن خانته، ولجأت إلى شياطين الإنس والجن، وفتحت لهم الأبواب للدخول.
نظرت إليه الأميرة أديرا
-لا تحزن ما فعلته كان بحسن نية ، الله سيعوضك الكثير عن ذلك.