
ثقتي بالله عوضتني عن قسوة البشر
عادل محمود
علمتني الحياة الكثير، ومن أبرز دروسها قسوة البشر. مررت بمواقف عديدة كشفت لي وجوهًا لم أتوقعها، وصدمتني قلوبًا ظننتها نقية. رأيت كيف تتغير النفوس، وكيف يتبدل الود إلى جفاء، والمحبة إلى كراهية. كثيرًا ما شعرت بالألم والخذلان، وتساءلت: “كيف للإنسان أن يكون بهذه القسوة؟”
في لحظات الضعف والانكسار، حينما كانت قسوة البشر تطعن في صميم روحي، لم أجد ملاذًا إلا في الله. أدركت أن البشر مهما بلغوا من قوة أو ضعف، فهم يبقون بشرًا يحركهم النقص والعاطفة والأهواء. أما الله، فهو الكامل، العادل، الرحيم، الذي لا يخذل عباده أبدًا.
مع كل خذلان، ومع كل جرح، كانت ثقتي بالله تزداد. أيقنت أن كل محنة تحمل في طياتها منحة، وأن كل قسوة بشرية هي في حقيقتها تمهيد لعوض إلهي أعظم. لم أتعلق بوعود البشر الزائفة، بل تشبثت بحبل الله المتين.
ثقتي بالله عوضتني عن كل شيء
وبالفعل، لم يخذلني الله قط. عوضني عن كل ألم بفرحة، وعن كل خذلان بعون، وعن كل قسوة بشرية بلطف إلهي يفوق الوصف. أدركت أن الله لا ينسى دموع المظلوم، ولا يهمل دعوات المقهور. كل ما خسرته بسبب قسوة البشر، عوضني الله عنه بخير وفير، لم أتوقعه يومًا.
وجدت العوض في سلام داخلي لم أعهده من قبل، وفي أبواب رزق فتحت لي من حيث لا أحتسب، وفي قلوب طيبة لمستها بصدق، وفي شعور دائم بالأمان والطمأنينة. علمتني الحياة أن البشر زائلون، وأن كل ما لديهم فانٍ، أما عطاء الله فباقٍ لا ينقطع.
لقد علمتني قسوة البشر أن أكون أقوى، وأكثر حكمة، وأعمق إيمانًا. جعلتني أدرك قيمة العطاء بلا مقابل، والمحبة بلا انتظار، والتسامح رغم الألم. والأهم من كل ذلك، أنها رسخت في قلبي حقيقة أن الله هو السند الوحيد، والمعين الأوحد، والملجأ الآمن.
وفي الختام، أدعو الله دعاءً عظيمًا من أعماق قلبي:
اللهم يا جابر القلوب المنكسرة، ويا مجيب دعوة المضطرين، اجعلني ممن رضيت عنهم وعوضتهم خيرًا.
اللهم انزع من قلبي كل شعور بالخذلان، واملأه ثقة ويقينًا بك.
اللهم اجعل لي من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ومن كل بلاء عافية.
اللهم إني وكلتك أمري كله، فأنت حسبي ونعم الوكيل.
الاصدقاء الاعزاء ثقوا بأن بعد كل عسر يسر، وبعد كل ظلم عدل، وبعد كل ألم عوض من رب كريم. ثقوا بالله،و توكلوا عليه، فالله لا يضيع أجر المحسنين، ولا يخذل من كان صادقًا في إيمانه به.
ثقتي بالله عوضتني عن قسوة البشر