حملة الهدي النبوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إن لفعل الخيرات فوائد متعددة وثمرات يجنيها العبد في دنياه وآخرته ومنها أن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وأن فعل الخير الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، وأن القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالى، والمعنى أن أي فعل مهما كان قليلا حتى لو كان مثقال ذرة فإن الله يجزيه على عمله، ويرى نتيجة فعله، واعلموا أن الله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، وأن فعل الخير من أخص خصائص المجتمع الإيماني.
حيث يطعمون الطعام للفقراء والمساكين ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من عون ومساعدة، ولا ينتظرون منهم أي مردود، وهذا هو المعنى الصحيح للتطوع، وكان فعل الخيرات من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم، يوم أن نزل عليه الوحي الالهي ودخل علي زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها ويقول زملوني، زملوني، فوصفته صلي الله عليه وسلم بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سببا في حفظ الله تعالى له، وإنه بعد بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، انحصرت الخصومة بين أتباع النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان له أعداء كثيرون في الحياة، من المجرمين، من الأكابر، فقال تعالى فى سورة الأنعام.
” وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون” وما أبو جهل وأبو لهب وعتبة وشيبة وغيرهم إلا أمثلة ونماذج لأعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم الذين يحاربون دعوته صلى الله عليه وسلم عبر العصور، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبالمقابل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أصبح أولياؤه هم العلماء الذين ورثوا هديه وتراثه، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن العلماء ورثة الأنبياء” وقد بيّن الله سبحانه تعالى قبل ذلك أن هذه الأمة سيوجد فيها من يحمل الرسالة، فلا تعني وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سقوط الراية، فالراية كلما جاء جيل، قيض الله تبارك وتعالى بين هذا الجيل من يحمل الراية، ويقيم الحجة على هذا العصر.
ولهذا يقول الله عز وجل كما جاء فى سورة الأعراف ” وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون” وبصورة أخص أنه تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن اسم خاص لحملة الهدى النبوى الذين يخلفون الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس في الإسلام فقط، وليس في الالتزام بالسنة فقط، بل بالدعوة إليها والقيام عليها والصبر، ودعوة الناس إلى ما كان عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان الاسم الخاص الذي ميزهم الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء به هو أنه ميزهم بـالطائفة المنصورة، وهذا اسم جليل عظيم تهتز له القلوب، وتستبشر له النفوس، وفي حديث متواتر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين منصورين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس”