
رسالة من الشعب إلى القيادة .. كيف يصنع المصريون أمنهم القومي
بقلم د . هاني المصري
في قلب مشهد معقّد تمر به مصر، داخلياً وخارجياً، يبرز الأمن القومي باعتباره الركيزة الأولى لبقاء الدولة واستقرارها. ويُشكّل الحفاظ على هذا الأمن مهمة جماعية تتكامل فيها أدوار القيادة السياسية، والمؤسسات الأمنية، والحركات السياسية، والشعب المصري، في معادلة وطنية فريدة تهدف إلى حماية الوطن وصون مقدراته.
القيادة السياسية: رؤية استراتيجية للأمن القومي
يقود الرئيس عبد الفتاح السيسي الدولة برؤية أمنية واستراتيجية متكاملة، حيث توسعت مفاهيم الأمن القومي لتشمل الأمن الغذائي، والمائي، والاقتصادي، والرقمي، وليس فقط الأمن العسكري. وتُترجم هذه الرؤية من خلال مشروعات تنموية عملاقة، وإعادة بناء البنية التحتية، وتقوية المؤسسات الأمنية والعسكرية، بهدف تمكين مصر من الوقوف أمام أية تهديدات خارجية أو داخلية.
الجيش المصري: درع الوطن وسيفه
يمثل الجيش المصري الركيزة الأساسية في صون الأمن القومي، ليس فقط بقدراته العسكرية، ولكن بدوره التنموي المتنامي، وحنكته في تأمين الحدود ومواجهة التهديدات غير التقليدية كالإرهاب وحروب الجيل الرابع. وفي كل مرة يُهدد فيها أمن الدولة، يثبت الجيش أنه الحصن المنيع وصمام الأمان الذي يلتف حوله الشعب بثقة ودعم.
الشرطة: أمن داخلي راسخ
تؤدي الشرطة المصرية دوراً محورياً في حفظ الأمن الداخلي، وحماية مؤسسات الدولة، ومكافحة الجريمة المنظمة والتطرف. وقد شهدت السنوات الأخيرة تحديثاً في أساليب العمل الأمني، واعتماد التكنولوجيا لتعزيز قدرة الأجهزة الأمنية على مواجهة التحديات الأمنية الجديدة، خاصة في المدن والمناطق الحدودية.
الشعب المصري: الوعي الحامي للأمن القومي
لم يعد الأمن القومي مسؤولية النخبة أو الدولة فقط، بل بات الشعب المصري لاعباً رئيسياً فيه، من خلال وعيه، ومشاركته في صد الشائعات، ومقاومة خطاب الكراهية، والحفاظ على الاستقرار المجتمعي. يظهر ذلك في لحظات الأزمة، حيث يختار الشعب الوقوف إلى جانب الدولة، رافضاً الفوضى وممارسات التخريب.
الحركات السياسية: صوت العقل في لحظات الحسم
شهدت الساحة السياسية المصرية تنسيقاً متزايداً بين الحركات السياسية لدعم مؤسسات الدولة، وخاصة في ملفات تمس الأمن القومي، كالأمن المائي في قضية سد النهضة، أو السيادة على الحدود، أو مكافحة الإرهاب. وقد أدركت هذه الحركات أن الخلاف المشروع لا يعني تعطيل الدولة، بل يمكن أن يُوظف في دعم الأمن الوطني من خلال الحوار البنّاء.
مؤسسات الدولة: هندسة الأمن والاستقرار
تقوم المؤسسات السيادية كالمخابرات العامة، وجهاز الأمن الوطني، والقضاء، بدور جوهري في منظومة الأمن القومي، من خلال توفير المعلومات، واتخاذ التدابير الوقائية، ومحاربة الفساد، وضمان سيادة القانون. كما تلعب المؤسسات الاقتصادية والإعلامية والتعليمية أدواراً تكميلية في تحصين المجتمع وتشكيل وعي وطني سليم.
الأزهر والكنيسة: حراس الوحدة الوطنية والسلام المجتمعي
يُشكّل الأزهر الشريف والكنيسة المصرية ركيزتين أساسيتين في دعم الأمن المجتمعي وترسيخ مفاهيم التعايش والسلم الأهلي. فمن خلال خطاب ديني معتدل، ومبادرات مشتركة، ومواقف وطنية ثابتة، عملت المؤسستان الدينيتان على وأد الفتن الطائفية في مهدها، وتعزيز مفهوم “المواطنة” على حساب أي خطاب يقوم على الفرز الديني أو المذهبي.
رسالة من الشعب إلى القيادة .. كيف يصنع المصريون أمنهم القومي
الأزهر، بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لم يتوانَ عن دعم الدولة في معاركها ضد التطرف، وطرح مفاهيم متجددة للإسلام الوسطي الذي يحضّ على السلام والتعايش. في المقابل، تلعب الكنيسة المصرية، بقيادة البابا تواضروس الثاني، دوراً محورياً في تثبيت قيم المحبة والانتماء، مؤكدة دوماً على وحدة النسيج الوطني بين المسلمين والمسيحيين.
ومن خلال الزيارات المتبادلة، والمواقف الموحدة، والحضور المشترك في الأعياد والمناسبات الوطنية، تُرسل المؤسستان رسالة واضحة بأن قوة مصر تكمن في تنوعها، وأن الدفاع عن أمنها مسؤولية روحية ووطنية في آن واحد.
رسالة من الشعب إلى القيادة .. كيف يصنع المصريون أمنهم القومي
وختاماً : أمن مصر مسؤولية الجميع
إن الحفاظ على الأمن القومي لم يعد مهمة تقليدية، بل صار واجباً وطنياً يتطلب وعياً، وتعاوناً، وتكاملاً بين الدولة والمجتمع. هذا التلاحم الوطني بين الرئيس، والجيش، والشرطة، والشعب، والحركات السياسية، ومؤسسات الدولة، هو ما يصنع الحصن الحقيقي لمصر في وجه العواصف.