صاحب العقل يعلم روعة الصدق وطمأنينته
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن حب الخير للغير، فتخيل أخي الحبيب لو أن كل واحد منا يحب الخير لإخوانه يحب لهم أن يكسبوا ويتقدموا ويتفوقوا ويوفقوا في الطاعات وأعمال الدنيا والدعوة هل سنجد سبيل للتحاسد أو التباغض أو التشاحن ؟ أعتقد لا وأستحضر هذا المشهد الذي يعكس حسن ظن الصحابة المؤمنين بإخوانهم ” لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا” في حادثة الإفك والخبر معروف ولكن ما معنى “بأنفسهم خيرا”
المقصود إخوانهم فكأن إخوانك نفسك فكيف تظن بهم أو بها قال أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه لزوجته “أو كنتي فاعلتيه ؟” قالت معاذ الله، فقال فعائشة هي خير منكي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خير منى” وروي في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال “إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا” متفق عليه، وإن هنالك أمورا تدفع بالمسلم إلى الصدق والسير في ركابه، والمخالطة لأهله، أولها هو العقل، فإن صاحب العقل يعلم روعة الصدق وطمأنينته، وأنه موجب لاحترامه، باعث لمحبته، رافع لمنزلته، وأن الكذب خلق قبيح لا يرتضيه العقلاء.
ولا ينخدع به النبلاء وأنه مهما طال حبله فسوف يقطع يوما ما، وثانيا هو الشرع، حيث تظاهرت الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة في الأمر بالصدق والنهي عن الكذب، وقد أعد الله تعالى أعظم الثواب للصادقين، ومقت الكذب والكاذبين، وأعد لهم عذابا أليما، وثالثا هى المروءة، فمن لديه مروءة فإنها لا تسمح له بالكذب بأي حال من الأحوال، ورابعا هو الفوز بالثناء الحسن في الدنيا، وبالنجاة يوم القيامة، يوم ينفع الصادقين صدقهم، ويكونون ممن أنعم عليهم ربهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وخامسا هو الظفر بمحبة الناس، فإن الأمم لا تنال محبتها بالشعارات البراقة، والدعايات الزائفة بل بصدق اللسان وصدق التوجه وصفاء السيرة وروعة المنهاج، وسادسا هو النصر والرفعة والتمكين، فإن الصادق لا يخذله ربه أبدا، أما الكاذب فمهما جنى من كذبه.
وترقى بباطله، وتكسب من بهتانه، فمصيره الخذلان، وعاقبته الخسران، وسابعا هو راحة البال، وطمأنينة الخاطر، وهدوء النفس، وانشراح الصدر، فتلك سمات لا يجنيها إلا الصادقون، وإن من منازل إياك نعبد وإياك نستعين هى منزلة الصدق، وهو منزل القوم الأعظم الذي منه تنشأ المنازل كلها، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، به تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وأهل الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله تعالى في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه، من صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، هو روح الأعمال ومحك الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، وهو الباب الذي يدخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال.
وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين، ودرجته تالية على النبوة التي هي أرفع درجات العالمين، ومن مساكن النبيين تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين، كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين، فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم الله في كتابه وقال صلى الله عليه وسلم “من صلى عليّ صلاة واحدة، صلى الله عليه بها عشرا” اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
صاحب العقل يعلم روعة الصدق وطمأنينته


