صدق التوبة
صدق التوبة
محمود سعيد برغش
كل إنسان صادق في توبته تكون عنده نية في التخلص من كل الأدوات التي جعلته جريئا على الله، من علامات صدق التوبة أنك تتخلص من كل شيء حال بينك وبين مرضاة الله، التي أسميتها في بعض الفواصل: هجرة العلائق، وابن القيم أسماها هجرة، في كتابه “الداء والدواء”.
ذهب إليه أحد الناس، فقال له: ما الداء وما الدواء؟ فقال: الداء المعاصي، والدواء التوبة، وألف كتابا أسماه: الداء والدواء.
لا تصح التوبة إلا بهجران أسباب المعاصي، كان أحد المحبين يأتي إلي في شبرا، فزارني وقال لي: لقد بنيت عمارة فأرجو أن تزورني لمباركتها، فذهبت وشد انتباهي غرفة مليئة بالشيشة، فجرت العادة أن أرى ولا أتكلم، وفي النهاية طلبت منه أن أدخل هذه الغرفة، فدخلت فقلت له: ألا تريد أن تصدق في التوبة مع الله تعالى؟
فأمر عامله بأن يكسرها، فقلت له: لا، بل تكسرها أنت، فكسرها جميعها، وتاب توبة نصوحا، ومات نظيفا عابدا تائبا لله تعالى.
كان هناك شاب يعمل في الحسبة، فأتت سفينة للدولة، وذهب لكي يفتشها، فوجد فيها زجاجات من الخمر، فقال: ائتوا بالفأس، فجيء بالفأس، فكسرها جميعا إلا واحدة، ولم يخف من أحد على الرغم أنها ذاهبة إلى الأمير، فتوقف عن الواحدة، فقيل له: لم توقفت؟ فقال: أخذتني حالة من العجب أنني أكسر أدوات الأمير ولا يعترض علي أحد، فتوقفت، انظر إلى الصدق في الإحساس.
كما حدث مع الإمام علي رضي الله عنه عندما قتل عمرو بن ودّ، الذي كان أقوى العرب في المصارعة، فلما بصق عمرو في وجه الإمام علي، قام الإمام علي عنه، وقال: خشيت أن أقتله لنفسي، وإنما أقتله لأجل الله.
اللهم الطف بحالنا، اللهم قو إيماننا، وقو إرادتنا، والطف بنا فيما جرت به المقادير، واجعل أعمالنا خالصة لك، وفرج كرباتنا، وانهض بحالنا، فحالنا لا يخفى عليك، وذلنا ظاهر بين يديك، من لنا غيرك يا الله؟ فرج عنا ما نحن فيه، أسعدنا بنور الإيمان، واجعل هذه الأيام شاهدة لنا لا علينا، يا الله يا رحمن، يا رحيم، أنت لها ولكل عظيمة ففرجها علينا الآن يا رب العالمين.