مقالات

قال خرقت الأكفان ومزقت الأبدان 

قال خرقت الأكفان ومزقت الأبدان 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

قال خرقت الأكفان ومزقت الأبدان

الحمد لله على عباده جاد، بدأهم بالفضل وله عليهم أعاد، آلائه عليهم سابغة ما خفيّ منها أعظم مما هو باد في فضله يتقلبون فهو عليهم ما بين طريف وتلاد وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ما مرّ تال بذكر قوم هود عاد ثم أما بعد إن أحوال أهل القبور فهي أدهى وأخطر، فكم من جسد صحيح ووجه صبيح ولسان فصيح هو اليوم في قبره يصيح على أعماله نادم وعلى الله قادم، فقيل أنه خرج الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في جنازة بعض أهله فلما أسلمه إلى الديدان ودسه في التراب، التفت إلى الناس فقال أيها الناس إن القبر ناداني من خلفي أفلا أخبركم بما قال لي ؟ قالوا بلى، فقال إن القبر قد ناداني فقال يا عمر بن عبد العزيز ألا تسألني ما صنعت بالأحبة ؟ قلت بلى، قال خرقت الأكفان ومزقت الأبدان.

 

ومصصت الدم وأكلت اللحم ألا تسألني ما صنعت بالأوصال ؟ قلت بلى، قال نزعت الكفين من الذراعين والذراعين من العضدين والعضدين من الكتفين والوركين من الفخدين والفخدين من الركبتين والركبتين من الساقين والساقين من القدمين، ثم بكى عمر فقال ألا إن الدنيا بقاؤها قليل وعزيزها ذليل وشبابها يهرم وحيها يموت فالمغرور من اغترّ بها، فأين سكانها الذين بنوا مدائنها؟ ما صنع التراب بأبدانهم ؟ والديدان بعظامهم وأوصالهم ؟ كانوا في الدنيا على أسرة ممهدة وفرش منضدة، بين خدم يخدمون وأهل يكرمون فإذا مررت فنادهم وانظر إلى تقارب قبورهم من منازلهم وسل غنيّهم ما بقي من غناه ؟ وسل فقيرهم ما بقي من فقره ؟ وسلهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون وعن الأعين التي كانوا إلى اللذات بها ينظرون وسلهم عن الجلود الرقيقة والوجوه الحسنة؟ 

 

والأجساد الناعمة ما صنع بها الديدان ؟ فمحت الألوان وأكلت اللحمان وعفرت الوجوه ومحت المحاسن، وكسرت القفا وأبانت الأعضاء ومزقت الأشلاء، فأين خدمهم وعبيدهم وأين جمعهم ومكنوزهم ؟ والله ما زودوهم فرشا ولا وضعوا هناك متكئا، أليسوا في منازل الخلوات، وتحت أطباق الثرى في الفلوات ؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء ؟ قد حيل بينهم وبين العمل وفارقوا الأحبة والأهل، قد تزوجت نساؤهم وترددت في الطرق أبناؤهم، وتوزعت القرابات ديارهم وتراثهم ومنهم والله الموسع له في قبره الغض الناضر فيه المتنعم بلذته ثم بكى عمر وقال يا ساكن القبر غدا، ما الذي غرك من الدنيا؟ أين رقاق ثيابك وأين طيبك وأين بخورك ؟ وكيف أنت على خشونة الثرى ؟ فيا ليت شعري بأي خديك يبدأ الدود البلى، ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا. 

 

وما يأتيني به من رسالة ربي ثم بكى بكاء، ثم انصرف فما بقي بعد ذلك إلا جمعة ومات رحمه الله تعالي، واعلموا يرحمكم الله إن من الإستعدار لشهر رمضان هو التهيئة العلمية، من حيث قراءة أحكام وفقه الصيام كاملا، ومعرفة تفاصيل كل ما يتعلق بالصوم، ومعرفة وظائف شهر رمضان، وأسرار الصيام، وقراءة تفسير آيات الصيام، وقراءة بعض كتب الرقائق التي تعين على تهيئة النفس ، وكذلك الإستماع إلى أشرطة محاضرات العلماء حول إستقبال رمضان، والإستعداد له، ومراجعة ما حُفظ من القرآن الكريم إستعدادا للصلاة في رمضان، سواء إماما أو منفردا، والإستماع إلى شرائط قراءات صلاة التراويح، مع دعاء ختم القرآن الكريم، وكذلك من الإستعداد هو التهيئة الدعوية، وإعداد وتجهيز بعض الخواطر والدروس والمحاضرات والخطب الرمضانية. 

 

والمواعظ والرقائق الإيمانية والتربوية للقيام بواجب الدعوة إلى الله خلال الشهر الكريم، وحضور مجالس العلم والدروس المسجدية المقامة استعدادا لرمضان والمشاركة فيها، حضورا وإلقاء، والعمل على تهيئة الآخرين من خلال مكان الوجود سواء في العمل أو في الدراسة بكلمات قصيرة ترغبهم بها في طاعة الله تعالي، وكذلك إعداد هدية رمضان من الآن لتقديمها للناس دعوة وتأليفا للقلوب وتحبيبا في طاعة الله تعالي والإقبال عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى