قصة قصيرة
برج الحراسة
الكاتب المصري م/محمود عبد الفضيل
بعد ان انهي حسن دراسته الجامعية اصابه الدور و التحق بالخدمة العسكرية و تم الحاقه بأحد معسكرات الامن المركزي التي تتوسط احد المناطق المليئة بالمساكن الشعبية في المدينة التي يقطنها. ونظرا لعلاقته الطيبة بالأمين علي وزه
المسئول عن مجموعته وفكان مقابل خدماته الجليلة له الحصول علي مبيت في معظم الايام بعد انتهاء حراسته لسور المصنع علي احد ابراج المراقبة. كان حسن يجرب كل يوم برج بنظام التباديل و التوافيق حتي استقر علي برج يطل علي مبني سكني من مساكن المنطقة يتميز انه يطل علي شارع ضيق مظلم هادئ و قريب من بلكونات المساكن
اختار حسن في البداية ورديه الثانية من الساعة العاشرة حتي الساعة الثانية صباحا
حيث في الصيف تفتح الشبابيك و ابواب البلكونات هربا من الحر و التماس نسمات هواء تلطف الاجواء
كانت معظم المنازل في هذا التوقيت بمثابه قنوات محليه لحسن يتابع معظم الحجرات و كل ما عليه ان يلفت راسه حتي يغير القناه اي الشقة
فهذا يستذكر دروسه في حجرته و تلك الفتاه تتأنق امام المرآه و ذاك يتشاجر مع زوجته
و اصبح حسن يعرف اسماء افراد معظم الشقق و عاداتهم و طباعهم و مشاكلهم. لم يلحظ احد وجود حسن معهم.
وفي احد الايام وهو يتابع احداث الاسر الملاصقة للبرج لمح فتاه في سن النضوج في حدود ٢٨ عام تخرج الي البلكونه و بشعرها المكشوف الكستنائي و قد صبغته بلون اصفر فاقع و ترتدي قميص نوم تظهر منه بياض يديها يشق الظلام الموجود بالمنطقه و كأنه لمبه نيون اضائت المكان. ترك حسن متابعه الشقق و ركز معها يتاملها في هذا الظلام الدامس حاول ان يشير اليها الا ان الظلام في البرج كان شديدا فلم تلاحظ حركه يديه الهستيريه لجذب انتباهها
و عندما حاول ان يصفر نظرت الي البرج و لكن خرج معظم السكان لمعرفه من يصفر حينها التزم حسن الصمت و اختفي في ارضيه البرج حتي دخل جميع السكان الي شققهم وسط سباب قاسي لمن اقلق راحتهم.
عاد حسن الي منزله وهو يفكر بطريقه يلفت بها نظر تلك الفتاه و كانت الفكرة ان يستخدم كشاف نور و تسليطهَ عليها حتي تنتبه له
احضر الكشاف و بدا في متابعه البلكونه حتي خرجت في منتصف الليل بنفس الهيئة و لكن بقميص اخر في غايه الرقة. امن حسن علي المنطقة و بدا في تسليط ضوء الكشاف عليها
ولاحظ انها بدات في الابتسام و فتحت نور البلكونه. و في حظر فتح حسن نور البرج و بدا في الاشاره اليها بانه يريد ان يكلمها و هزت راسها بالمواقفه و بدات الاشارات بينهما و كأنها لغه للصم و البكم و اصبح هناك حوار ليلي بعد منتصف اليل بينهما. واصبح حسن اشد اشتياقاً لهذا اللقاء كل ليله.
حتي لاحظ الضابط كريم الكوتش ثبات حسن علي نفس برج المراقبة مده طويله لم يتم تغبير برج الخدمة بل ان حسن يتطوع و يستمر في الخدمة ورديه اخري و هذا امر غير معتاد من المجندين. قرر النقيب كريم متابعه الموضوع بنفسه و في الساعة الواحدة صباحا ذهب كريم الي البرج ووجد حسن يقوم بإشارات غير مفهومه بيده. شك كريم ان حسن يقوم بأحد اعمال الإرهابية او يقوم بتهريب اسلحه او ذخيره من الاشلاء و تقدم بحضر فوجد تلك الفتاه تقوم بعمل حركات أيضا بيدها و عندما لمحت شخص غريب في البرج خلف حسن دخلت الي غرفتها
و امسك كريم بقفا حسن ووبخه و حوله لمكتب اللواء سعيد حمامه قائد المعسكر
لم ينم حسن ليلته خوفا من العقاب المنتظر و في الصباح تم ارسال حسن الي اللواء حسن حمامه و قد حكي له كريم ما حدث بالأمس وطلب من القائد معاقبه الشخص الذي خصص البرج لحسن علي مدار ذلك الوقت الطويل
ومع اول نحرة من اللواء حمامه اعترف حسن بكل شئ و ان الامين علي وزه هو من خصص له هذا البرج
قرر القائد توقيع جزاء رادع علي الامين علي وزه و نقله من المعسكر الي فرع الموسيقى الشرطة اما حسن فقد طلب منه ان يكون عسكري مراسله لخدمه القائد في فيلته في مدينه الرحاب خاصه ان حسن يملك رخصه قياده و متعلم و يناسب ذلك المكان
اصطحب القائد حسن الي الفيلا وهناك وجد حسن زوجه اللواء حمامه سيده فاضله مريضه وملازمه الفراش بعد وفاه ابنتها الوحيدة في حادثه سير بعد حفل التخرج من الجامعة الأمريكية. كانت الصدمة قاسيه علي الحاجه غاليه انهرت صحتها و داهمتها الامراض بعد وفاه الابنة. وكانت غاليه في غايه الطيبة و الرقة و لا تبخل بمال في العمل الاجتماعي
وفي جلسه سمر جلس سعيد مع زوجته يروي لها قصه حسن و كيف تم ضبطه و هو يعاكس فتاه المساكن. كان سعيد يحكي بأسلوب ساخر
ضحكت له غاليه ولكنها تعاطفت مع حسن و الفتاه و اقترحت علي زوجها ان يتم زواج سعيد من تلك الفتاه الفقيرة و ان تعمل في الفيلا كمرافقه لها مقابل مرتب و ان يتم تخصيص الحجرة التي بجوار بوابه الفيلا لحسن و زوحته
اعجب سعيد بالفكرة و اخبر بها حسن الذي طار فرحا و قرر سعيد اصطحاب حسن
والذهاب الي المساكن لخطبه تلك الفتاه
رحب اهل الفتاه بقدوم سعيد و حسن ووافق الاب علي الخطبة من اجل عيون اللواء سعيد
و دخلت الفتاه في صمت و جلست وجهها للأرض و كلها خجل . حاول سعيد الكلام معها و لكنها لم ترد و اخبره الاب ان ابنته من الصم و البكم. نظر اللواء سعيد الي حسن و قاله علي خيره الله. وقرر سعيد اتمام الزواج في اسرع وقت و تحمل تجهيز الحجرة
نظر الي حسن في غضب و قاله ضيعت الأمين علي وزه و حطتني في موقف صعب
هتجوزها عشان تفضل تشاور طول عمرك يابن الكئيبة
تمت قصة قصيرة برج الحراسة
م محمود عبد الفضيل /مصر