قصيدة ( للزمنِ وقفةُ احتضار )
بقلم/ جمال أسكندر
لَا تَأْمَنَنَّ زَمَانًا إِنْ تَجَلَّتْ مَفَاتِنُهُ
فَمَا دَامَ سَعْدٌ إِلَّا وَاعْتَرَاهُ حُزْنُ
تَجَاسَرْتُ بِبَحْرِ شِعْرِي مُسْتَصْرِخًا
وَهَمَمْتُ مِنْ قَوَافِي الضَّيْمِ أَحْتَضِنُ
أَلَا سُحْقًا لِدُنْيَا بِحُكْمِهَا مُفَارِقَةٌ
يَمْدَحْ تَافِهًا، وَذُو شَأْنٍ يُلْعَنُ
أَنَا بِزَمَنٍ غَدَا الْخَائِنُ مُؤْتَمَنًا
وَالْكَذُوبُ فِيهِ صَدِيقٌ لَهُ وَزْنُ
رَحْمَةٌ ذَهَبَتْ مِنْ غَيْرِ رَجْعَةٍ
صَارَ حَصَادُهُمُ الْبَغْضَاءُ وَالْفِتَنُ
بَلَاغَةُ الْحَلِيمِ لِنُصْحِهِمْ حَمَاقَةٌ
وَهَرَاءُ جَهُولٍ أَصْغَيْتَ لَهُ أُذْنُ
جُبْنُ الْوَضِيعِ لَدَيْهِمْ صَارَ شَجَاعَةً
وَإِقْدَامُ شَرِيفٍ ضِدَّ اللِّئَامِ لَهُمْ جُبْنُ
مَنْ سَعَى الْعِلْمَ فِيهِمْ نَالَهُ الْعَتَهُ
وَالْأَحْمَقُ اللَّاهِي بَيْنَهُمْ فَطِنُ
مَا سَارَ امْرُؤٌ نَاصِحٌ عِنْدَ ذِي عِوَجٍ
إِلَّا وَذَاقَ الْمَرَارَاتِ وَالدَّمُ ثَمَنُ
لَا تَرْجُونَّ لِعَالِمٍ بَاعَ ذِمَّتَهُ
كَعْبَتُهُمُ الْمَالُ، وَغَايَتُهُمْ سَدَنُ
لَا تَعْرِفُ مَعَادِنَ النَّاسِ إِلَّا عِنْدَ نَازِلَةٍ
تَلْطِمُهَا الْآهَاتُ وَالْكَرْبُ وَالْهِتَنُ
إِذْ نَالَ الْخَطْبُ مِنْكَ بِغَفْلَةٍ
تَكْوِي الضُّلُوعَ، وَصَرِيخٌ لَهُ شَجَنُ
فَكُلُّ عَاتٍ وَإِنْ سَرَّ الْمَقَامَ لَهُ
وَأَغْنَمُ السَّعْيِ إِنْ يُحْظَى لَهُ كَفَنُ
كَمْ حَسْرَةٍ جَرَّهَا الشُّحُّ نَافِلَةً
هُمُ الْمَارِقُونَ لَوْلَا الدِّينُ وَالسَّكَنُ
وَكُلُّ ذِي عَوْزٍ بَيْنَ النَّاسِ مُنْتَقَصُ
وَلِمِثْلِهِمْ يُعْقَدُ الْخِذْلَانُ وَالضَّغَنُ
قَوْمٌ تَرَى ضَيَّعُوا الْأَرْحَامَ جُلَّهُمُ
فَالْيَوْمَ لَا رَاحِمٌ بَاقٍ وَلَا عَوْنُ
بِأَيِّ نَظْمٍ أُحَاكِي مَا فُجِعْتُ بِهِ
فَوَاسِلُ الْبَغْيِ حَالَتْ دُونَهُ اللُّسُنُ
إِنَّ الدَّوَاهِيَ إِذَا عَانَقَتْ مَنْ لَا حَوْلَ لَهُ
فَمَا بِهَا كَرَبُ ثَوى وَلَا رَسَنُ
قصيدة ( للزمنِ وقفةُ احتضار )