Uncategorized

قيام دولة المماليك البرجية

قيام دولة المماليك البرجية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله ب العالمين الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن دولة المماليك في مصر، وكما ذكرت المصادر فترة حكم السلطان محمد بن قلاوون حتي وفاته وفترة حكم أولاده وأحفاده من بعده، وكما ذكرت المصادر الكثير عن ملك قبرص آنذاك بطرس الأول، وقيل بأن ملك قبرص قد سمع بأخبار الفوضى التي غرقت فيها مصر في عصر أحفاد الناصر محمد بن قلاون، وكيف كانت الموانئ والمدن المصرية خالية تماما من وسائل الدفاع، فقرر هو وقادته غزو الإسكندرية للقضاء على دولة المماليك التي تسببت بطرد الصليبيين من الشام من ناحية.

 

وللإستفادة من مركز تلك المدينة الحربي وموقها التجاري من ناحية أخرى، وعلى الرغم من أن أخبار الحملة الصليبية ووجهتها طارت إلى مصر عن طريق التجار قبل وقوع الهجوم بمدة طويلة إلا أنه لم يكن من الدولة إهتمام، ونزل الصليبيون على شاطئ الإسكندرية صباح يوم الجمعة في اليوم الثالث والعشرين من شهر محرم من عام سبعمائة وسبعة وستين من الهجرة، وإرتكبوا فيها مذبحة رهيبة راح ضحيتها آلاف السكندريين من مسلمين ومسيحيين ويهود، ونهب الصليبيون البيوت والمتاجر والكنائس والجوامع، ولم تسلم منهم حتى متاجر التجار الأوروبيين، وهرب الكثير من الأهالي ناجين بحياتهم وبعد مضيّ أربعة أيام إنسحب الصليبيون عائدين إلى قبرص، حاملين في سفنهم آلاف الأسرى والمنهوبات، وخلال هذه الفترة من عصر السلاطين البحرية الصغار. 

 

برز إسم أحد المماليك البرجية أو الشراكسة وهو الأمير برقوق بن أنس العثماني اليلبغاوي الذي إستطاع بفضل طموحه وقوته أن يصل إلى منصب أتابك العسكر سنة سبعمائة وثمانون من الهجرة، وبذلك أصبح برقوق على جانب كبير من القوة في عهد السلطان علاء الدين عليّ الذي لم يتجاوز سنه ست سنوات، وظل السلطان علاء الدين علي في الحكم حتى وفاته سنة سبعمائة وثلاثة وثمانون من الهجرة، وهو في الثانية عشرة من عمره وكان في إستطاعة برقوق أن يلي عرش السلطنة عقب وفاة السلطان عليّ مباشرة، لكنه أدرك أن الأمور لم يتم نضجها بعد وخصوصا وأن له الكثير من المعارضين، لذلك تظاهر برقوق بالزهد في السلطنة معلنا أن المصلحة تتطلب إبقاء وظيفة السلطنة في بيت قلاوون، وهكذا استدعي الأمير حاجي حفيد الناصر محمد وعمره وقتئذ إحدى عشرة سنة. 

 

وأعلن سلطانا سنة سبعمائة وثلاثة وثمانون من الهجرة، وفي خلال عهد السلطان الطفل الجديد، أخذ برقوق يمكن لنفسه، فإختص زملائه وأنصاره من أمراء المماليك بالوظائف الرئيسية في الدولة، في الوقت الذي أخذ يعمل على إكتساب محبة عامة الناس، فخفف عنهم الضرائب، ولما وجد أن الأمور باتت مهيئة لإعلان نفسه سلطانا، إنتحل نفس العذر الذي سبق أن تحجج به الطامعون في الحكم من أمراء المماليك، وهو صغر سن السلطان القائم، فإجتمع بالأعيان الذين أعلنوا خلع السلطان حاجي وإقامة برقوق مكانه، وبعزل حاجي من السلطنة إنتهى بيت قلاوون، كما إنتهى حكم المماليك البحرية، وقامت دولة المماليك البرجية، وتختلف دولة المماليك البرجية أو الشراكسة عن الأولى، أو البحرية، في عدة نواحي، أولها أن سلاطين الدولة البرجية كانوا جميعا شراكسة العرق.

 

 

ما عدا إثنين يرجعان إلى أصل رومي وهما خشقدم وتمربغا، هذا إلى أن مبدأ الحكم الوراثي الذي حاول بعض سلاطين المماليك البحرية تطبيقه في عناد وإصرار، والذي نجح بوضوحٍ في عصر بيت قلاوون، وهذا المبدأ لا يوجد له أثر في عصر دولة المماليك الشراكسة والواقع أن سلاطين دولة المماليك الثانية كانوا زعماء أو أمراء كبار أكثر منهم سلاطين، وكان نجاح السلطان في مهمته يتوقف على مدى توفيقه في توجيه كبار الأمراء وضرب طوائف المماليك ببعضها البعض، فإذا إستطاع السلطان الإحتفاظ بمنصبه حتى وفاته، فإن إبنه كان يخلفه عادة، ولكن لعدة أشهر فقط حتى ينجلي الموقف بين كبار الأمراء ويستطيع أحدهم أن ينفرد بالغنيمة.

قيام دولة المماليك البرجية

قيام دولة المماليك البرجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى