: ” مآثر شعبنا الفلسطيني تبين مدى تجذرنا في الأرض ”
بقلم / أشرف علام
متابعة / محمد العكروت
– تطوير أدوات المواجهة العسكرية الذي عبرت عنه الأحداث الأخيرة في فلسطين الى اي مدى في تقديرك يمكن ان يحدث قفزة نوعية في ردع العدوان ؟
وهل بإمكاننا القول أن قواعد الاشتباك في حرب الشوارع تلغي إلى حد ما عديدا من عوامل التفوق العسكري في العدة والعديد التي يمتلكها الكيان .. ؟
– ان تطور أدوات المواجهة العسكرية يلعب دورا هاما في إحداث قفزة نوعية في ردع العدوان ، لكن لايمكن ان يصل ذلك الى مستوى التفوق العسكري على ادوات القتال العسكرية الكلاسيكية التي يمتلكها الإحتلال ، لان ذلك التطور يعود الى الإمكانات الذاتية البدائية المتواضعة جدا التي تعتمد عليها المقاومة الفلسطينية في عملية انجاز هذا التطور المحدود جداً ، و من هنا تبقى مسألة الصمود والاستبسال في التضحية عبر حرب الشوارع هي اساس تحقيق التفوق على العدو الصهيوني.
– الأشياء مهما بلغت قوتها وتكاليفها فإن الإنسان هو المتحكم بها وبالتالي كل قوة تستمد من قوة الإنسان نفسه .
هل نستطيع القول أن الإنسان الفلسطيني هو أبرز تجسيد لهذه المقولة خاصة وأن الذعر الذي تسببت به عمليات الطعن والدهس لجنود الاحتلال يفوق أثر الرعب الذي تسبب به العدو بكامل ترسانته العسكرية من دبابات وطائرات إلى آخره ..؟
– نعم إن كل قوة مهما بلغت فانها تستمد صلابتها من قوة الإنسان ، فقد تجسدت هذه القاعدة عبر النضال الوطني الفلسطيني وقدرة المقاتل الفلسطيني على تحقيق توازن الرعب رغم تواضع أدواته القتالية ، لكن قوة الإرادة هي السلاح الأمضى الذي لايمتلكه الجندي الصهيوني لانه لايقاتل عن عقيدة ، على العكس من المقاتل الفلسطيني الذي يرفع دائماً شعار الشهادة او النصر .
– حدثنا عن دور الأسرة والبيئة الاجتماعية بأصغر مكوناتها من الحي وصولا الى المدينة والى التنظيمات الفلسطينية المقاومة في تنشئة انسان فلسطيني حديدي العزم لم ولن يقهر .
– تعتبر الأسرة النواة الأولى والأساسية للمجتمع ، فانطلاقا منها تبدأ نهضة المجتمعات ، فبناء الأسرة بالشكل الصحيح يكون عبر تأهيلها بالقيم الإنسانية النبيلة وبنائها بالاعتماد على العلم والمعرفة من خلال وضع خطط وبرامج تنموية تساهم بتنشئة الأسرة بالشكل الصحيح فسينشأ لدينا مجتمع راقياً حضارياً اعتباراً من الأسرة ومروراً بالحي والمدينة ، انتهاءً بالمجتمع بشكل عام ، لكننا كشعب فلسطيني في ظل وجود الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدر الوطن ، وحالة الاشتباك الدائم معه ، وتشتت غالبية الشعب الفلسطيني خارج وطنه ، فهو يواجه صعوبات في وضع هذه البرامج التنموية ومتابعتها من خلال مؤسسات تهتم بهذا الغرض لكن بسبب غياب الصبغة المجتمعية التي تتشكل منها الشعوب نتيجة وجود الاحتلال الصهيوني فإننا نستعين بمؤسسات الفصائل الفلسطينية التي تتوزع جغرافياً داخل وخارج الوطن المحتل ومن خلال المنظمات والاتحادات والنقابات
الشعبية من الشبيبة – المرأة – الكتاب والصحفيين وغيرهم .., وفي ظل غياب دور مؤسسات منظمة التحير الفلسطينية بسبب وجود الاحتلال الصهيوني ، فنحن نسعى دائما لتنشئة جيل مثقف وحضاري يلتزم بالقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية ونستثمر ذلك لمواجهة المحور المعادي لتطلعات شعبنا الفلسطيني ، لأننا نعاني من وضع استثنائي نتيحة هذا الإحتلال لذلك فالمهمة الرئيسية لمنظمة التحرير الفلسطينية وجميع فصائل الثورة الفلسطينية هي كنس الإحتلال الصهيوني عن وطننا وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية الديمقراطية المستقلة كاملة السيادة على فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس ، هذه الدولة المستقبلية المفترضة هي التي يجب ان تستكمل لاحقاً بناء مجتمعنا الفلسطيني على القيم والمبادئ المجتمعية التي حض عليها ديننا الإسلامي ، إذاً مهمتنا الرئيسية في الوضع الحالي هي تحرير فلسطين اولاً من رجس الاحتلال الصهيوني ، وان ما نلاحظه اليوم من مقاومة واستبسال في مواجهة المشروع الصهيوني ، وحجم التضحيات الكبرى التي قدمها ومازال يقدمها شعبنا الفلسطيني لهو أكبر دليل على الدور العظيم الذي تقوم به الفصائل الفلسطينية قاطبة في الداخل والخارج بكافة اتجاهاتها السياسية والفكرية على تتنوعها ، رغم الظروف الصعبة التي تعانيها فصائلنا التي حوّلت جميع مكاتبها ومقراتها التنظيمية الى اكاديميات وأندية ثقافية لخدمة جيل الشباب وتنشئتهم نشأة ثورية ، وسنظل نقوم بهذا الدور العظيم متجاوزين جميع المعوقات والصعاب حتى تحرير فلسطين كلِّ فلسطين .
– نسمع عن مآثر وقصص مشرفة لشهداء فلسطين نريدك أن تحكي لنا من منظورك قصة لم تأخذ باعتقادك نصيبها من الشهرة وجدت فيها عبرة و بشائر تنم عن شعب نصره قادم لا محالة .
– هناك العديد من المآثر والقصص المشرفة لشعبنا والتي تبين مدى تجذر شعبنا وتشبثه في وطنه ، ففي هذا المجال يصعب اختيار واحدة منها فالعقل البشري لا يستطيع إحصاء المآثر التي جسدها نضال شعبنا على مدى فترات النضال الطويل والمستمر الذي واكبه شعبنا على امتداد جميع الغزوات التي مرت علية وآخرها الإحتلال الصهيوني الكولونيالي الإحلالي الإستيطاني المدعوم عالمياً و نستطيع ان نستشهد بمأثرة الشهيد الطفل محمد الدرة الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني في الإنتفاضة الثانية وهو يختبئ خلف والده ، فتم سفك دمه على مرأى ومسمع العالم أجمع ومرت قضيته دون اي حساب للجناة الصهاينة .
– عندما كنت فتيا من المناضلين الفلسطينيين الذين لم تقابلهم كان ملهما لك ومن ممن قابلتهم قال لك قولا بليغا في حب الوطن ما زلت تذكره إلى الآن وترغب بنقله عبر منبرنا إلى الفتيان والشبان الفلسطينيين .
– بكل فخر واعتزاز نقول ان هناك كمًّ هائلاً من القادة الفلسطينيين الذين كان لهم دوراً بارزاً في النضال الوطني الفلسطيني وقد تحولت أقوالهم الى حكم ومآثر تستنير بها الأجيال القادمة ، ولايسعنا إحصائها ، فالنضال الطويل لشعبنا الفلسطيني الذي استمر ومازال يستمر لعقود طويلة قد احتضن عشرات بل مئات من القادة الفلسطينيين الذين ضحوا بحياتهم في سبيل قضية شعبهم ، نستذكر بعضهم على سبيل المثال لا الحصر :- الشهيد الرمز ياسر عرفات ابو عمار – الشهيد أحمد جبريل أبوجهاد – الشهيد أبوموسى – الشهيد خليل الوزير ابوجهاد.- جورج حبش – وديع حداد – سمير غوشة – مانديلا فلسطين عمر القاسم – الشيخ احمد ياسين – تحي الشقاقي – زهير محسن ….الخ والقائمة تطول .وهناك أيضاً العديد من الثقفين الثوريين الذين سطروا بدمائهم الزكية ملاحم البطولة وتحولوا الى قرابين على مذبح الحرية والاستقلال ، تستذكر منهم أيضاً :
– الأديب والكاتب غسان كنفاني – فنان الكاريكاتير ناجي العلي – الكاتب ماجد ابو شرار . وهناك العديدون ، لكنني اتذكر الشهيد القائد ياسر عرفات ابو عمار كان في كل لقاء يقول : يا جبل مايهزك ريح – الشهادة اوالنصر – يرونها بعيدة ونراها قريبة .
وأيضاً الشهيد أحمد جبريل ابو جهاد كان يقول نسلم الراية جيل بعد جيل وأيضاً يا قدس إنا قادمون … الخومنذ ذلك اليوم نذرت نفسي قربانا في سبيل شعبي وقضيته الوطنية المحقة والعادلة .
– لكل عائلة فلسطينية حكايات مع النضال والمأساة نريد حكاية سمعتها من أسرتك تظهر لنا حجم المعاناة التي تسبب بها عدوان الكيان وتهجيره على شعبنا الفلسطيني فكما تعلم معاناة الأهل دين علينا ولقد عاهدناهم ألا ننسى .
– وأيُّ حكايةٍ ابلغُ من حكايةِ شعبٍ تعرض لهجمة بربرية أدت الى ذبح من ذُبحَ ، وقتلِ من قُتِل ، وتشريد من شرِّد وجميعهم سواء منْ بقي تحتَ الاحتلال الصهيوني ، أو من اقتُلع من أرضهِ وشرِّد الى جميع أسقاعِ العالم يكابدون مرارة البؤس والظلم والحرمان ، ويتعرضون في كل يوم للقتل والتنكيل فهم ينامون على مجزرة ويصحون على اخرى ، فحكاية الشعب الفلسطيني وما تعرض له ويتعرض كل يوم هي أمرُّ مأساة وأبلغ حكاية تدمي القلوب ، ولابد ان يتحول نضال الشعب الفلسطيني يوماً الى منهاج يدرَّسُ ضمن الأكاديميات ليتعلم العالم العِبر والدروس من صموده الاسطوري في مواجهة آلة الحرب الصهيونية الفاشية.
– لدى شعوب عربية كثيرة نالت استقلالها أغاني الحزن تفوق أغاني الفرح فهل نستطيع اعتبار كثرة اغاني وأهازيج المقاومة ذات طابع الاحتفاء والفرح والحماسة والأمل مؤشرا على كوننا شعب حي بعيد كل البعد عن الانكسار المؤدي الى الهزيمة ؟
– تحدثنا عن اهمية تفعيل الجبهة الثقافية باعتبارها جبهة مهمة في مواجهة الغزو الحضاري والفكري الثقافي الصهيوأمريكي وباعتبار الأغاني والأهازيج الوطنية هي عبارة عن كلمات مكونة من مزيج من أغاني التراث والشعر المقاوم مع اللحن الموسيقي فهي تمثل باقة مصغرة من واحة الفكر والحضارة لاي شعب فكيف اذا كانت حضارتنا الكنعانية تمتد جذورها في اعماق التاريخ . إذا هي شكل من اشكال المقاومة الفكرية والحضارية ، وقد نشط أدباءنا في هذا المجال ، حيث كان للأغنية الثورية دوراً كبيراً في شحذ همم الشباب وتحريضهم على الثورة ، ليس فقط في عهد الثورة الفلسطينية المعاصرة ، فمن يبحث يجد أن تراثنا النضالي زاخر بالأغاني والأهازيج الوطنية والثورية ، وهذا يدل على ان النصر حليف الشعوب المقهورة وقد اكد التاريخ حتمية النصر لهذه الشعوب .