مؤسس أعظم دولة عرفها التاريخ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأحد 22 أكتوبر 2023
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم، الذي كان من عظيم فضله عند ربه صلى الله عليه وسلم أن جعل الله وجوده بين أصحابه أمنة من العذاب، ومن عظيم فضله صلى الله عليه وسلم أن أخذ الله العهد والميثاق على جميع الأنبياء من قبله على الإيمان به ونصرته والبشارة به، ومن دلائل عظيم قدره عند ربه صلى الله عليه وسلم أنه انفرد عن إخوانه من الأنبياء والرسل أجمعين بخصائص في الدنيا والآخرة لم تكن لغيره من الرسل وذلك كرامة وتشريفا له، فكل الأنباء والرسل خاطبهم الله تعالي بأسمائهم مجردة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد خاطبه الله بوصف النبوة والرسالة.
ومما خص الله تعالي به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عن باقي الأنبياء والرسل أن أعطاه القرآن فمعجزته باقية الى يوم القيامة ولعظيم قدره ومنزلته عند ربه فقد أقسم الله بعمره، كما خص الله رسوله بالإسراء والمعراج حتى أدناه منه وقربه وأراه من آياته الكبرى ووعده بالمقام المحمود، ومقامه المحمود هو مقام الشفاعة عند ربه في يوم القيامة، ولقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم بفضل ربه عز وجل أن يؤسس أعظم دولة عرفها التاريخ حيث أخرج للوجود أمة، ومكن لعبادة الله تعالى في الأرض، ووضع أسس العدالة الاجتماعية، وحوّل جيلا كاملا من رعاة للبقر إلى قادة للأمم، استطاع بفضل الله تعالى أن يخرج للعالم كله المواهب والعبقريات العظيمة من أمثال عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل.
وحوّلهم من جيل لا يعرف إلا الفوضى إلى جيل يعرف النظام والعدل، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض، يرحمكم من في السماء” رواه أبو داود، وقال الطيبي أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق، فيرحم البر والفاجر، والناطق، والبُهم، والوحوش والطير، وعن عمرو بن حبيب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خاب عبد وخسر، لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر” وعن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يدخل الجنة منكم إلا رحيم” قالوا يا رسول الله، كلنا رحيم، قال “ليس رحمة أحدكم نفسه وأهل بيته، حتى يرحم الناس” وإن من أعظم الأسباب التي تعين على الرحمة.
وتيسر للإنسان طريقها قراءة كتاب الله جل جلاله، قال العلماء إن الرحمة لا تدخل إلى قلب قاس، والقلوب لا تلين إلا بكلام الله، ولا تنكسر إلا بوعد الله ووعيده، وتخويفه وتهديده، فمن أكثر تلاوة القرآن، وأكثر من تدبر القرآن، كسر الله قلبه، ودخلت فيه الرحمة، كذلك من الأسباب التي تعين على رحمة الضعفاء تذكر الآخرة فإن العبد إذا تذكر مشاهد الآخرة، وصور نفسه كأنه قائم بين يدي الله تجادل عنه حسنته، ويقف بين يدي الله عز وجل وقد نشر له ديوانه، وبدت له أقواله وأفعاله، إذا تصور مثل هذه المواقف، قادته إلى الله، وحببت إلى قلبه الخير، وجعلت أشجانه وأحزانه كلها في طاعة الله ومرضاته. مؤسس أعظم دولة عرفها التاريخ