
“من أجل التنمية أم على حساب الإنسان؟ دعوة لإعادة النظر في مسار امتداد محور كمال عامر”
صابر محجوب
نحن لا ننكر أن ما تشهده مصر من نهضة تنموية وبنية تحتية متطورة يعد إنجازًا حقيقيًا يستحق الإشادة. فقد أصبح واضحًا أن الدولة تبذل جهودًا جبارة في إنشاء طرق وكباري ومحاور مرورية جديدة، بهدف رئيسي هو تسهيل حياة المواطنين، وتوفير الوقت، وتقليل استهلاك الوقود، وتيسير حركة المرور.
لكن، حين تكون النتيجة إزالة أكثر من 5000 منزل وتشريد آلاف الأسر، وتدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المنتجة، فعلينا أن نتوقف ونعيد النظر. لأن التنمية الحقيقية لا تقاس فقط بما يُشيد من خرسانة وأسفلت، بل بما يُراعى من حقوق المواطنين واستقرارهم وأمنهم الاجتماعي.
امتداد محور كمال عامر، المقرر تنفيذه ليربط بين العمرانية والطرق السريعة جنوبًا، من المفترض أن يخدم المواطنين، لا أن يكون مصدرًا لمعاناتهم. فالمسار الحالي المقترح، والذي يبدأ من العمرانية مارًا بالمنيب وشارع ترسا وصولًا إلى أراضي ترسا وأبو النمرس، يمر من قلب الكتل السكنية، مهددًا بإزالة آلاف البيوت التي تأوي أسرًا مستقرة منذ عشرات السنين، ناهيك عن الأراضي الزراعية التي تمثل مصدر رزق لمئات العائلات.
هل هذا هو الخيار الوحيد؟ بالتأكيد لا.
هناك بدائل واقعية تم طرحها من قبل أهالي المنطقة وخبراء محليين، تقضي بتمرير المحور الجديد عبر أراضي أملاك دولة أو مناطق أقل كثافة سكانية،
هذه البدائل لا تحمي فقط المواطنين من التهجير، بل توفر على الدولة مليارات الجنيهات من تعويضات الإزالات، ويمكن تنفيذها بكفاءة أعلى ومرونة أكبر، دون المساس بالنسيج الاجتماعي القائم في القرى والنجوع.
ونحن على يقين أن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لطالما أكد أن “المواطن هو الهدف الأول والأهم في كل مشاريع الدولة”، لن يرضى أبدًا بإلحاق الضرر بهذا الكم الهائل من الأسر، ما دام هناك بدائل قائمة وفعالة يمكن تنفيذها.
“من أجل التنمية أم على حساب الإنسان؟ دعوة لإعادة النظر في مسار امتداد محور كمال عامر”
ختامًا، إننا لا نقف ضد التطوير، بل نحن أول الداعمين له. لكننا نطالب فقط بأن تكون التنمية عادلة، تراعي الإنسان قبل الإسفلت، وتحافظ على الاستقرار قبل الخرائط الهندسية.