نصّ لا ينتهي

نصّ يحوّل كلّ شيء إلى مرايا ..
وكلّ مرايا إلى كلمات ..
وكلّ كلمات إلى أصداء تحاول
أن تقنعنا بأنّها المعنى ..
لكنّها في الحقيقة
صدى الضحك على أنفسنا …
نصّ بدأ بخطإ مطبعي
ثم تحوّل إلى فلسفة
ثم إلى مشروع حياة
ثم إلى جدال في مقهى مزدحم
ثم إلى تغريدة تتحدّث عن الوعي
ثمّ إلى شيء .. لا شيء لكنّه لا ينتهي ..
في الساحات ..
يتجمّع الناس حول اللاشيء
يلتقطون صورا جماعية مع الغياب
ويكتبون تحتها ذكريات جميلة ..
كأنّ الغياب كان صديقا قديما
والنقص حالة فنية ..
المدينة من حولنا تتظاهر بالهدوء
الرياح تمشّط شعر الأرصفة
والأرصفة تبتسم بشقوقها المتعبة
كأنّها تقولها قد عادوا ..
يحملون حقائب الكلام الفارغ
ويظنّون أنّهم يسيرون إلى الأمام ..
الشمس نفسها تراقب المشهد من الأعلى
تقول وهي تمدّ أشعتها كسطورٍ من سخرية ذهبية
كم مرّة سيعيدون نفس الجملة ؟
كم مرّة سيؤمنون أن النهار جديد ؟
ثمّ يجيء المطر
يصفّق على النوافذ كالمجنون
ويقول ببرود شعريّ ..
أنا أغسل وجوه الكذب كلّ موسم
لكنّها تعود أنظف شكلا وأكذب مضمونا ..
في الليل ..
تتسلّل الأفكار مثل لصوص نبيلة
تسرق ما تبقّى من المنطق
وتوزّعه بالتساوي على الشعراء والمجانين
لأنّهما الفئتان الوحيدتان
اللتان تعرفان أن الضحك شكل من أشكال الفهم ..
ثمّ فجأة ينهض النصّ من نومه
ينظر إلينا بكسل وجوديّ ويقول ..
هل ظننتم أنّني سأمنحكم نهاية ؟
النهايات ترف لا يمنح للساخرين …
بقلم : معز ماني . تونس .
نصّ لا ينتهي

