نعيم الدنيا و يوم الحشر
بقلم / محمــــد الدكـــروري
الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، الذي كان من صور مزاحه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه أنه رأى صهيبا وهو يأكل تمرا وبعينه رمد، فقال ” أتأكل التمر وبك رمد؟ فقال صهيب إنما آكل على شقي الصحيح ليس به رمد فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رواه الحاكم، وكان الصحابة رضي الله عنهم يمازحونه صلى الله عليه وسلم لعلمهم بتواضعه وكريم أخلاقه معهم، حيث قال عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه ” أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبّة من أدم، أي من جلد.
فسلمت فرد وقال صلى الله عليه وسلم ادخل فقلت أكلي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم كلك، فدخلت ” رواه أبو داود، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد لقد وصف الله سبحانه وتعالى الحشر بأنه هيِّن ويسير وأهون عليه من خلق الناس، ويبدأ الناس بالخروج ويُذهلون بما يرون من تبدّل وتغيّر للأرض، ولا شيء كما كان عليه من قبل، وعندها تكون الطامة الكبرى وبداية رحلة العذاب لمن يستحقه، الذي يتضائل أمامه نعيم الدنيا مهما كان كبيرا، فيا أيها القوي الفتي، ويا أيها العبقري، ويا أيها الكبير ويا أيها الصغير ” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” وصدق من قال كل باك فسيبكى وكل ناع فسينعى وكل مدخور سيفنى وكل مذكور سينسى ليس غير الله يبقى من علا فالله أعلى.
“وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” ذلك ما كنت منه تفر، ذلك ما كنت منه تهرب، ولكن أين المفر؟ أين المآل؟ وأين المصير؟ إن المصير إلى الله عز وجل، وإن المآل إلى الله تعالي، وإن المنتهى إلى الله الواحد الأحد، وإن المرجع إلى الله عز وجل، ولقد تفننوا في السرقة، وتنوعت الأشكال، والعصابات، وقلدوا الغربيين في الأفلام، وأخذوا الأفكار من الأفلام، وصار السطو المسلح، والتهديد للسرقة، التخفي والتلثم، كل هذا من أين أتى؟ وهو نزع خوف الله من قلوبهم، وزال الإيمان، وإذا زال الإيمان ونزع فلا أمان، ويجب إعادة الأموال المسروقة إلى أصحابها، إذا تاب الإنسان إلى الله، ويجب عليه أن يعيدها علانية أو سرا، باعتذار أو بغيره، بواسطة أو بغيرها، لا بد من إعادة المال المسروق.
لأن هذه حقوق عباد لا تزول بالتوبة فقط، فإن التوبة حق الله، اعتديت على دينه، وانتهكت حدوده ومحارمه، فالتوبة والندم والاستغفار والصالحات، ولكن حق الناس لا يضيع، فلا بد من أدائه، ولا بد من إعادته بأي طريقة، ولا بد أن يعاد المال على مراحل، وإذا لم يستطع دفعة واحدة أعاده على مراحل، أو استسمح من صاحبه، هناك إحراج، حرج الدنيا أهون من حرج الآخرة، فإن مات، يعاد إلى ورثته، وإن لم يوجد لا هو ولا الورثة يتصدق به نيابة عنه، فلا بد من إعادة المال المسروق. نعيم الدنيا و يوم الحشر