يزيد والجراح الحكمي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة أنه قد ندّد الدين الحنيف بالعصبية الجاهلية المنتنة ونهى عنها، ولكنها عادت للظهور في عهد بني أمية، مما أجج الصراع بين القبائل العربية، التي تعد سندا وعمادا الدولة، وكذلك الخلاف بين العرب والموالي، وهم المسلمون غير العرب أو الأعاجم، وإن تنازل الحسن بن علي بن أبى طالب، رضي الله عنهما لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، يعد بداية مرحلة جديدة ومفصل هام في التاريخ الإسلامي، إذ تحول نظام الحكم الذي اعتاده المسلمون في العهد الراشدي، من نظام الشورى والخلافة إلى نظام ملكي وراثي وما يتبع عليه من أنواع الترف، وهذا يبدو واضحا في قصور الأمويين.
ولكن هذا لا ينفي بقاء الدولة مسلمة كدين، وعرف، وقانون، لكن هذا التحول من الخلافة إلى التوريث في الحكم قسم المسلمين إلى مؤيد لهذا الشكل من الحكم ومن نقل عاصمة الحكم من الحجاز لبلاد الشام، ومعارض في الحجاز والعراق، وبقيت الدولة الأموية سنين طويله، وهكذا تعاقبت على حكم الأمة الإسلامية عبر التاريخ عدة دول، ومن بينها الدولة الأموية التي ذاع صيتها في الآفاق، إذ مثلت ذروة اتساع الدولة الإسلامية، حين ضمت تحت رايتها وسلطانها كثيرا من الولايات والأمصار، وقد نسبت تلك الدولة إلى حكامها الذين يرجع نسبهم إلى أمية بن عبد شمس من قريش، وكان من خلفاء بني أمية هو الخليفة يزيد الثاني بن عبد الملك.
وهو يزيد بن عبد الملك بن مروان الأموي القرشي، وهو أبو خالد، وكانت أمه هى السيده عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وقد ولي الخلافة بعد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز سنة مائه وواحد من الهجره، بعهد من أخيه سليمان بن عبد الملك وقد كانت أيامه أيام غزوات وحروب، وكان أعظمها حرب الجرّاح الحكمي مع الترك وانتصاره عليهم، والجراح الحكمي، وهو أبو عقبة الجراح بن عبد الله الحكمي الوالي الأموي على سجستان، وهو تابعي عاصر الصحابة، وحارب وجاهد في نصرة الإسلام ونشره في بلاد ما وراء النهر، وفي حروبه على الخارجين على دولة الخلافة الإسلامية، وهو من دمشق من بلاد الشام، وقد ولد ونشأ فيها، وقد ولد الجراح الحكمي.
مع نهاية العقد السادس الهجري من القرن الأول، فقد دل على ذلك مشاركته في نصرة كتائب الإسلام، وأشارت المصادر التي ترجمت له إلى أن أول ظهور عسكري له، إنما كان سنة اثنين وثمانين من الهجره، في فتنة عبد الرحمن بن الأشعث، عندما خرج على الدولة الأموية في دمشق، وشوهد في معركة دير الجماجم، حيث قتل ابن الأشعث، وكان مشاركا الحجاج في قيادة الجيش الأموي، وبرز الجراح في هذه المعركة في سعيه لأطفاء نار الفتنة عن طريق إتصاله بمعارفه ممن هم بمعية ابن الأشعث، وذلك في مناصحته لهم بالأبتعاد عنه وقد نجح في ذلك، وقد خرج عليه يزيد بن المهلب بالبصرة فوجه إليه أخاه مسلمة بن عبد الملك فتغلب عليه وقتله في العقر، وهى بين واسط و بغداد، وهى قرب بابل.
يزيد والجراح الحكمي