(٢٣) الملك الأحمر
إنسان مع العالم الآخر
بقلم عبدالحميد أحمد حمودة
استعد وذهب للعمل، حيث التقى بفتاة جميلة.
تعرفوا على بعضهم البعض،
لاحظ أنها في بعض الأوقات كانت تمعن في النظر إليه خلسة وعندما كان ينتبه لها، كانت أشاحت بوجهها بعيدا عنه .
وعندما أنهى عمله وعاد إلى المنزل، جلس يفكر في سبب نظراتها إليه كما لو كانت تريد اكتشاف شيئ
سمع العفريت
-نعم، كانت تحاول معرفة من معك
-هل لديها أي من الجان؟
-نعم، منذ سنوات عديدة، تسمعهم وتراهم أيضا
-كيف لم أر أَيًّا منهم معها ولم أشعر بوجودهم
-لا أحد منهم قادر على الحضور في وجودك،
لكنهم يراقبونك من بعيد من خلال عينيها، محاولين معرفة من معك،
فهم يشعرون بالطاقة من حولك، يخافون منها ولكن لا يعرفون ماهيتها ولن يتمكنوا من ذلك.
المثير للدهشة أن هذه الأمور قد كثرت، وأن الذين يقابلونه في هذا الأمر هم في الغالب من النساء.
أخبره صديقه عن امرأة تعاني من العالم الآخر وتود التخلص منه كي تتفرغ لحياتها.
تواصلت معه وأخبرته:
-لقد عانيت منهم منذ طفولتي وظهر لي الكثير منهم منذ أكثر من خمسة عشر عامًا
أرى أشياء تزعجني في المنام، مثل اعتدائهم عليّ، والشعور بعدم الارتياح النفسي
-هل رايت شخص ما أثناء نومك أو استيقاظك؟
-كلها أجسام وملامح غير مرئية
-أحضري كوبًا كبيرًا من الماء أمامك، ونستعين بالله، وقولي ما يظهر أمامك
-أرى خنفساء تقترب مني وتكبر ثم تختفي، وأرى
نسرًا كبيرًا يحلق ويقترب مني ثم يختفي
-هل تشعرين أنهم أعداء
– نعم
– أريدكم أن تذهبا ولا تعودان أبدًا
– أرى الخنفساء تتقدم ويخرج منها العديد من الأسلحة في محاولة محاربتك، أراها تتقلص وتتراجع وتختبئ داخل حفرة
-هل ظهرت أمامك مرة أخرى؟–
لا
-هل ترين النسر أمامك؟
-لا أراه، لقد ذهب، هل ذهبا أم سيعودان مرة أخرى؟
-سنرى فيما بعد ما سيحدث وسنتحدث مرة أخرى
في غضون ثلاثة أيام
في اليوم التالي اتصلت به لتخبره
– تركت كوب الماء في غرفتي، وخرجت لبضع دقائق، وعدت لأجده فارغًا، لا ماء فيه
-اطمئني ، سنتحدث في موعدنا ان شاء الله
عندما انتهت الأيام الثلاثة، اتصلت به وسألها
-ما الذي أمامك الآن؟
-أرى النسر والخنفساء واقفين أمامي
-شيء آخر سيظهر الآن
– نعم، ظهر حيوان أسود يشبه الكلب
-انظري إليه جيدًا، فهو كبيرهم
-يتحول إلى شكل بشري ولكن لديه قرنين وعين واحدة ويمسك بيده عصا بموقد
-اعلم أنك الأكبر، وأنهم يتبعونك، لذا اذهب معهم ولا تعد أبدًا
– لن أذهب، إنها ملك لنا، ولن نتركها أبدًا، ولن تكون قادرا على إبعادنا فهي أرض خصبة لنا.
-اتعتقد انني ضعيف عندما طلبت منك ترك المرأة وشأنها، الآن لن تغادر بسلام، أنت تقف على موضع قبرك.
فجأة هبت ريح قوية لم يستطيعوا تحملها
وضرب بعصا في الأرض لمواجهة الريح
لكنها مزقت أجسادهم وجعلتهم رمادا أخذته الريح.
ذهبت الريح وملأت المياه المتدفقة المكان لتنبت أزهار خضراء جميلة تبهر عين الناظر.
-الآن انتهى كل شيء، رحمك الله منهم وأبعدهم عنك
-هل يمكن للآخرين أن يأتوا أو ينتقموا مني؟
-لن يحدث هذا إن شاء الله وستلاحظين ذلك بنفسك
بعد فترة طويلة ، اتصلت به لتخبره أنها لم تر أو تسمع أيًا منهم مرة أخرى ، وعادت إلى حياتها الطبيعية مرة أخرى.
حمد الله كثيرا على نعمته التي أنعم بها عليه
عندما جلس في حديقة المنزل ليلًا،
لاحظ أن جميع الجهات المحيطة به كانت خالية من الجان الذين يعيشون فيها،
وهذا شيء غريب جِدًّا لم يلاحظه من قبل.
بدأ يسأل أين ذهبوا ولماذا،
حتى شعر أن حواسه تتجه إلى ركن من أركان الحديقة،
حيث وجد ملك كبير من العمالقة الأقوياء نزل هو وفرقته هناك.
وقف الملك مندهش من الكيفية التي استطاع بها الإحساس بوجوده واكتشاف مكانه.
-ما الذي أتى بك إلى هنا ولماذا تختبئ هكذا؟
نظر إليه وكان متعجرفًا ،
متفاخرًا بقوته
-حتى أقتلك وأهدي رأسك للملك
فجأة ظهرت سلاسل حوله، التفت على جسده، وسقط على الأرض مقيدًا بها في دهشة مما حل به،
مما جعلهم يفرون ويهربون من أمامه، تاركين ملكهم مقيدًا بالسلاسل، ولكن دون جدوى،
حيث كانت المنطقة محاصرة بشعاع من الضوء جعلهم أسرى، غير قادرين على المغادرة والفرار.
ينظر إليه وهو يبتسم قائلاً:
-(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
بعد أسرهم سأل:
-من هذا ولماذا يريد قتلي ومن هو الملك الذي يريد أن يعطيه رأسي؟
سمع هاتفًا:
-إنه من أتباع الملك الأحمر ، أقوى الملوك وهو من المقربين جدًا له
وأرسل يراقبك حتى تسنح له فرصة الوصول إليك وقتلك
-من هو الملك الأحمر؟ ولماذا يريد قتلي وأنا لا أعرفه؟
-هو من الملوك السبعة الحكام في عالم الجن ، وابنه هو الملك الذي قتله صديقك محمود وهو يريد أن ينتقم منك ويقتلك
إنه الآن غاضب جدًا بعد القبض على الملك الرئيسي لديه ويتعهد بالانتقام وأنه لن يتركك أبدًا حتى يقتلك.
-أليس من الممكن الاتفاق معه لإنهاء هذا العداء؟
-لا يمكن أن يكون هذا إن ما بينك وبينه الآن قد تجاوز الحدود المعقولة
-هل سيبقى هذا العداء بيننا؟
-نعم إلى أن شاء الله
نظر إلى الأعلى ليجده أمامه في مكان أعلى من بصره
حجمه كبير جدًا ، وغاضب جدًا ، ويضرب بقدميه بقوة ، ويسير في كل الاتجاهات بدون توقف ،
ثائرا جدًا ، وعيناه تشعان بالنار.
نظر إليه بابتسامة:
-لو مكنني الله لقطعت رأسك
جلس مندهشا.
ما هذه القوة التي أعطاها له الله ليتحدى بها أقوى ملوك الجان وأكبرهم وجعلهم عاجزين عن التصدي له.