
آداب زيارة المريض
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين أذن أن ترفع بيوته وأشهد أن لا إله إلا الله القائل “إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله حث على إبعاد بيوت الله عن غير ما بنيت له، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أما بعد إن من الآداب التي أمرنا بها الإسلام في زيارة المرضي، هو أن يدعو الزائر والعائد للمريض بدعوات صالحات، وأن يسأل الله تعالى له الشفاء والعافية والسلامة، فإن ذلك من هدي السنة النبوية، الشريفة لما جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال ” ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله، فيقول سبع مرات أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك، إلا عوفي” وكما أن من الآداب هو أن يحسن الزائر القول للمريض، وأن يطمئنه، وأن يخفف عنه مما هو فيه.
وأن يشجعه على الصبر والإحتساب لأن ذلك من الرضا بقدر الله تعالى، وأن يبشره بالحسنات وتكفير الخطايا والذنوب، وأن يطيّب نفسه، وأن يرفع من معنوياته، وأن ينفس له في الأجل، فقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إذا دخلتم علي المريض فنفسوا له في أجله، فإن ذلك لا يرد شيئا ويطيب نفسه ” رواه الترمذي، وكما أن من آداب زيارة المريض هو عدم إطالة وقت الزيارة، وألا يكثر الزائرون من السؤال عن مرض الإنسان وأوصافه وأحواله، ونحو ذلك، وألا يتكلم الزائر إلا بخير وتفاؤل، فإن حماقة بعض الزائرين أشد على المريض من المرض نفسه، كما أن الزيارة في غير موعدها ثقيلة ومحرجة، وبعض الزيارات تزيد المريض مرضا وتضيف إلى آلامه ألما، ألا فاتقوا الله يا عباد الله.
وإحفظوا للمرضى حقوقهم، وارحموا إخوانا لكم كانوا معكم بالأمس ثم حبستهم أمراضهم عن حضور الجُمع والجماعات، ومنعتهم أسقامهم من المشاركة في المجالس والمنتديات، فهم في معاناة مع أوجاعهم وآلامهم، وليس لهم إلا الله سبحانه ثم كريم زياراتكم، وجميل مواساتكم، ودعواتكم الصالحة، فاتقوا الله عباد الله فبتقوى الله تنال الدرجات وتزكوا الأعمال وأكثروا من ذكره وشكره، فبذكره تطمئن القلوب وبشكره تحفظ النعم، وتزودوا من الصالحات فخير الزاد التقوى، واعلموا أن للمرض أيها المؤمنون للمرض في حياة المسلم فوائد تثمر في الدنيا والأخرى، فمن ذلك أنه إبتلاء وإختبار، وقد خلق الله الإنسان للابتلاء، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشد الناس بلاء قال ” الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبلى الإنسان على قدر إيمانه، فإن كان في إيمانه صلابة كان بلاؤه أشد.
وإن كان في إيمانه لين كانت البلوى على قدر الإيمان ” ثم إن الإبتلاء سبب من أسباب محبة الله تعالي، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا أحب الله قوما إبتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط” وكما أن من فوائده هو التأسي بالأنبياء عليهم السلام الذين إصطفاهم الله وإجتباهم وإختارهم وجعلهم القدوات الذين يقتدي بهم، والأسوات الذين يتأسي بهم ولا يختار الله تعالي لهم إلا أكمل الحالات وأرفع الدرجات، فلقد إبتلي أيوب عليه السلام بالمرض ثماني عشرة سنة وهجره الناس وتركوه إلا رجلان من إخوانه، وفقد صحته وماله وولده، ثم شفي بالدعاء وبذل الأسباب وشرب الماء والإغتسال منه، وإبتلي رسولنا المصطفي صلى الله عليه وسلم بالمرض مرات كثيرة، ومرض في آخر حياته حتى إعتزل الناس وبقي في بيته وإعتزل المسجد لشدة المرض.
وأغمي عليه وإشتد به المرض حتى مات صلى الله عليه وسلم ففي مرضه عزاء ومواساة لكل مريض ومبتلى، والموت ببعض الأمراض هو شهادة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه من تعدون شهيد الله فيكم؟ فقالوا من قتل في سبيل الله تعالى، قال إن شهداء أمتي إذا لقليل، فقالوا فمن هم يا رسول الله ؟ قال “من قتل في سبيل الله فهو شهيد، من مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات بالطاعون فهو شهيد، ومن مات بالبطن فهو شهيد، والغريق شهيد”
آداب زيارة المريض