تكنولوجيا

أبنائنا … وإدمان الإنترنت

أبنائنا … وإدمان الإنترنت

بقلم :الاعلاميه دكتوره ايمان نبيل القصبي

استشارى تربوى نفسى

      مصر تأتي في صدارة أول عشر دول في القارة الأفريقية في استخدام خدمات المعلومات الرقمية والانترنت ، وذلك وفقا لمعيار عدد المستخدمين ونسبتهم إلى مجموع السكان المعروف باسم (شمول ونفاذه ) الخدمه ، وذلك طبقا لبيانات الاتحاد الدولي لللإتصالات …… وعلى الرغم من الفوائد غير المحدودة للانترنت الا انه ايضا له العديد من الأضرار النفسية والمادية التي يسببها سوء استخدامه خاصة للمراهقين والشباب ومنها على سبيل المثال ، القلق و الوحدة النفسيه والاكتئاب والتعب الجسماني والسلوك العدواني وانخفاض الاداء الأكاديمي …. وتدق النقاشات المجتمعيه فى السنوات الأخيرة ناقوس الخطر فيما يتعلق بدور الإنترنت في تفكيك العلاقات وعزل الأفراد اجتماعيا ، حيث أصبحوا يقضون أوقاتاُ طويلة في التعامل مع الكمبيوتر والانترنت بطريقة تستدعي الإهتمام والحذر ، حيث يسبب في معظم الاحيان العزلة عن الآخرين والتي تؤدي بالتالي إلى إيجاد نوع من الهشاشة النفسيه ، خاصة فی ظل انتشار انماط جديده من القيم والسلوكيات المستحدثه في المجتمع العربى… ويشير المتخصصون النفسيون إلى ما يطلق عليه ( انطوائية الكمبيوتر) ، حيث يستمر الشخص في متابعة الانترنت لساعات طويلة بشكل يومى يشبه الأدمان ويرجأ واجباته المنوط به انجازها .

     وقد أقرت الجمعية الأمريكة للطب النفسي APA وضع ( ادمان الإنترنت ) ضمن عناصر الإدمان الأخرى، وعرفته بأنه اضطراب يسبب حاجة سيكولوجية قصرية نتيجة عدم الاشباع من استخدام الانترنت ، والمصاب بهذا الاضطراب يعاني من رغبة في إستخدام الإنترنت وعندما لايحدث ذلك تنتابه مشاعر إنفعالات سلبية ( القلق والإكتئاب والوحدة وتعكر المزاج ( إضافة إلى الانسحاب الاجتماعي ، والصراع النفسي … وحددت بعض الدراسات النفسيه مفهوم ( إدمان الانترنت) بانه ممارسه التعامل مع شبكه الأنترنت لفترات تزيد عن اربع ساعات يوميا دون ضرورة العمل او الدراسة بل تأتي على حساب هذه الضروريات وغيرها … ومن أهم اعراض اضطراب ادمان الانترنت ؛ فقدان الاحساس بالوقت ، وصعوبة التوقف عن استخدامه والغضب والضيق عندما لا يكون متاح ، وقله النوم ، والارهاق، وانخفاض الاداء الأكاديمي ، وضعف الأداء في العمل، واللامبالاة ، واضطراب الأفكار ‘والهروب من مواجهة المشاكل الحقيقية ، والاكتئاب وانخفاض جودة الحياه ) بالاضافة الى الاعراض الجسدية من تعب وأرق وآلام الظهر والرقبه والتهاب العينين ومخاطر التعرض للإشعاعات الصادرة عن شاشات أجهزة الإتصال الحديثة والتعرض لتأثير المجالات المغناطيسية الصادرة عن الدوائر الالكترونية والكهربائية .

   إن دخول الفرد وخاصة المراهق فى عالم وهمى بديل عن الواقع يخلق فيه الفرد علاقات غير موجوده فى الواقع قد يؤدى الى تقلیل القدره على خلق شخصية نفسية سوية قادرة على التفاعل والتعايش الواقعى مع المجتمع ، بالاضافة الى ضعف الدافعية والخوف من الرفض واضطراب الآثار الجنسية والوسواس القهري. وفيما يتعلق بالآثار الاجتماعية لإدمان الانترت فتتضح فى اضطراب الحياة بسبب اهمال العلاقات الاسرية وضعف الرقابة ، مما يؤدى إلى التفكك والتصدع الاسري ، ويؤدى أيضا إلى الانسحاب عن المشاركة والتفاعل فى الأنشطة الاجتماعيه والإتجاه نحو العزلة الأمر الذى يسبب حالة من التناقض من الناحية المادية والنفسية ، فيجعل الفرد موجودا ماديا في المجتمع إلا أنه ينفصل عنه نفسيا .

 

   وهناك عدة اتجاهات تفسر سلوك الإدمان على الانترنت ومنها (النظرية الديناميكية النفسية الشخصية ) التي ترى ان إدمان الانترنت استجابة هروبية من الضغوط والاحباطات التى يواجهها الفرد للحصول على لذه بديلة مباشرة لتحقيق الاشباع النفسي ، كما أن لاستعداد الفرد بخبراته الشخصية وما يتعرض له من أزمات تأثير على الوقوع في براثن هذا النوع من الإدمان ….اما ( النظرية السلوكية) فترى ان الانترنت يوفراحتياجات انسانية عديده مثل الترفيه والمرح ويعزز إشباع حاجة الفرد الى الاهتمام والتقدير والحب الذى لا يتحقق على أرض الواقع … و (النظرية الاجتماعية الثقافية ) تشير الى تباين واختلاف أسباب إدمان الانترنت تبعا للعادات والثقافة لكل مجتمع، وان فهم أى ظاهره او اضطراب نفسي تتضح ابعاده في الاطارالبيئي والثقافى الذى يحدد السلوك السوي .. وركزت على اهمية البناء الاجتماعي والاسرى للحماية من ادمان الانترنت.

 

     ومن الاتجاهات المستقبلية .. ما أقد مت عليه الصين والتي يوجد بها اکثرمن 30ملیون فرد مدمن انترنت … وفي إطار ما يطلق عليه (الوباء) قامت السلطات الصينية بشکل منتظم باغلاق مقاهي الانترنت التى تعمل بشكل غير قانوني في عمليات مواجهة تشمل غرامات كبيره على اصحابها ، كما وضعت الحكومة الصينية قوانين لتقليل عدد الساعات التى يمكن للمراهقين اللعب فيها على الإنترنت ، وافتتحت مراكز لعلاج المرضى الذين يعانون من إدمان الانترنت …. واظهرت تقارير اعلامية ان شركات عديدة مثل Xerox, Dow, Merck أنهت خدمة بعض موظفيها بسبب الإساءة في استخدام الانترنت حيث يعتبر ادمان الانترنت مسئولية قانونية فضلا عن المشكلة الانتاجية التى تتمثل في خسارة في الانتاجية بمليارات الدولارات .

   إن كل مدمن للإنترنت وراءه مقاصد سلوكية محددة ، بدءا من السلوك الساعي للمتعة العامة ، مرورا بالرغبة في الترفيه ، ونهاية باستخدام الانترنت عوضا عن حاجات اجتماعية ، تتنوع الاسباب ، ولكن في جميع هذه النماذج يتم تفسير كل سبب بحيث يمكن للمعالجين وضع خطط علاجية فردية تعزز عملية التعافي وتحافظ عليه ….نحن أحوج ما يكون في مصر والعالم العربي إلى الحفاظ على الطاقات … وهل هناك أغلى من طاقات الشباب ، وهي القادرة على البناء والتقدم للأمام … علينا جميعا كمجتمع وأسر ومتخصصين … التعاون لمحاربة آفة الأوطان …. الإدمان … وخاصة … إدمان الإنترنت .

أبنائنا … وإدمان الإنترنت بقلم :الاعلاميه دكتوره ايمان نبيل القصبي استشارى تربوى نفسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى