المقالات

أبواب التوبة مفتوحة

جريدة موطنى

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، ثم أما بعد يا مَن انصرم عمره في الغفلة والضياع، ويا من ضاعت أوقاته في اللهو واللعب، ويا من انقضت ساعاته في الغيبة والنميمة، ويا من آذى أولياء الله وحارب العلماء والدعاة والصالحين، إن أبواب التوبة مفتوحة، وإن ساعات الإجابة كثيرة، وإن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، وكما يجب علينا أن نستغل أوقاتنا وعمرنا في طلب العلم، لأن الله عز وجل يقول ” هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون” 

 

كلا والله لا يستوي هذا مع هذا، فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم” ويقول صلي الله عليه وسلم “من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة” فماذا تريدون بعد الجنة؟ أتريدون شيئا بعد الجنة؟ والله ما نريد شيئا غيرها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي “ماذا تسأل في صلاتك؟ قال أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار، قال صلي الله عليه وسلم حولها ندندن” ونجد اليوم بعض المسلمين لو أخطأ في الصلاة لما عرف كيف يتم صلاتة، بل كثير من المسلمين حتى الطهارة يسأل عنها  وإنا لله وإنا إليه راجعون، فعليك أخي الكريم أن تقرأ ولو كتابا وأن تحفط ولو حديث، وأن تدبر ولو اية، واعلم ان العلم يرفع من صاحبة ويعلو من شأنه ويجعل الدنيا كلها عند أقدامه. 

 

فقيل أنه خرج هارون الرشيد في يوم من الأيام فتجمع الشرط والأعوان والخدم والحشم والناس حوله، وكانت زوجته معه، وبعد قليل تفرق الناس عنه وذهبوا  إلى رجل آخر، فسألت الزوجة من هذا الذي ذهب الناس وراءه؟ قالوا هذا عالم خراسان  عبد الله بن المبارك، فقالت زوجة هارون الرشيد هذا والله هو الملك، هذا هو الملك الحقيقي، والشرف الحقيقي وهذه هي الرفعة الحقيقية” وبعد أيا سيجل علينا ضيفا عزيزا غاليا ألا وهو شهر رمضان وهو شهر له خصائص وفضائل وحري بنا أن نستغل أيامه ولياليه بل ساعاته ولحظاته، وهذا شهر فيه هبات من الله عز وجل  ولكن بماذا نستغله ؟ هل بالسهر واللهو وضياع الأوقات ؟ كلا والله، فيا أيها المسلمون اعلموا أن الله غني عنا وعن أعمالنا فهو تعالى الغني عما سواه. 

 

فقال تعالى ” يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد” ولكنه سبحانه شرع العبادة لصالحكم أيها المسلمون ومن أعظمها الصيام فقد شرعه تربية لأجسامكم وترويضا لها على الصبر وتحمل الآلام، شرعه تقويما للأخلاق وتهذيبا للنفوس وتعويدا لها على ترك الشهوات ومجانبة المنهيات، شرعه ليبلوكم أيكم أحسن عملا، شرعه وسيلة عظمى لتقواه فقال تعالى” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب إلى الذين من قبلكم لعلكم تتقون” فاتقوا الله أيها الناس وأدوا فريضة الصيام بإخلاص وطواعية، أدوا هذه الفريضة واحفظوها مما يشينها فالصوم الحقيقي ليس مجرد الإمساك عن الأكل والشرب والاستمتاع ولكنه مع ذلكم إمساك، وكف عن اللغو والرفث والصخب والجدال في غير الحق، وكف عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة، 

 

وإمساك عن السباب وعن قذف المحصنات، إمساك وكف عما لا يحل سماعه من لهو وغيبة وغيرهما، وكما يجب الإمساك عن إرسال النظر إلى ما لا يحل، فالصائم حقيقة من خاف الله في عينيه فلم ينظر بهما نظرة محرمة، واتقى ربه في لسانه فكف عن كل قول محرم، وخشيه في أذنيه فلم يسمع بهما منكر، وخشيه في يديه فمنعهما من سرقة وغصب وغش وإيذاء، وخشيه في رجليه فلم يمش بهما إلى حرام، وخشيه في قلبه فطهره من الحقد والغل والحسد والبغضاء، فقد قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما” إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء”.

أبواب التوبة مفتوحة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار