
أحكام غسل الشهيد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن أحكام الغسل والصلاة علي الشهيد، وقال الحنفية لا يغسل كل مسلم قتل بالحديد ظلما، وهو طاهر بالغ، ولم يجب عوض مالي في قتله، فإن كان جنبا أو صبيا، أو وجب في قتله قصاص، فإنه يغسل، وإن وجد قتيلا في مكان المعركة، فإن ظهر فيه أثر لجراحة، أو دم في موضع غير معتاد كالعين فلا يغسل.
ولو خرج الدم من موضع يخرج الدم عادة منه بغير آفة في الغالب كالأنف، والدبر والذكر فيغسل، والأصل عندهم في غسل الشهيد أن كل من صار مقتولا في قتال أهل الحرب أو البغاة، أو قطاع الطريق، بمعنى مضاف إلى العدو كان شهيدا، سواء بالمباشرة أو التسبب، وكل من صار مقتولا بمعنى غير مضاف إلى العدو لا يكون شهيدا، فإن سقط من دابته من غير تنفير من العدو أو انفلتت دابة مشرك وليس عليها أحد فوطئت مسلما، أو رمى مسلم إلى العدو فأصاب مسلما، أو هرب المسلمون فألجأهم العدو إلى الخندق، أو نار، أو جعل المسلمون حسكا حولهم، فمشوا عليها، في فرارهم، أو هجومهم على الكفار فماتوا يغسلون، وكذا إن صعد مسلم حصنا للعدو ليفتح الباب للمسلمين، فزلت رجله فمات، يغسل، وقال الحنابلة لا يغسل الشهيد سواء كان مكلفا أو غيره إلا إن كان جنبا.
أو امرأة حائضا أو نفساء طهرت من حيضها، أو نفاسها، وإن سقط من دابته أو وجد ميتا ولا أثر به، أو سقط من شاهق في القتال أو رفسته دابة فمات منها، أو عاد إليه سهمه فيها، فالصحيح في المذهب في ذلك كله أنه يغسل، إذا لم يكن ذلك من فعل العدو، ومن قتل مظلوما، بأى سلاح قتل، كقتيل اللصوص ونحوه يلحق بشهيد المعركة، فلا يغسل في أصح الروايتين عن أحمد، وقال الشافعية، والمالكية يغسل من قتله اللصوص، أو البغاة، أما من مات في غير ما ذكر من الذين ورد فيهم أنهم شهداء كالغريق، والمبطون، والمرأة التي ماتت في الولادة، وغير ذلك فإنهم شهداء في الآخرة، ولكنهم يغسلون باتفاق الفقهاء، وأما عن إزالة النجاسة عن الشهيد، فقد ذهب الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه إذا كان على الشهيد نجاسة غير دم الشهادة تغسل عنه.
وإن أدى ذلك إلى إزالة دم الشهادة، لأنها ليست من أثر العبادة، وفي قول عند الشافعية، ولا تغسل النجاسة إذا كانت تؤدي إلى إزالة دم الشهادة، وأما عن تكفين الشهيد فقد ذهب الحنفية إلى أن شهيد المعركة وهو الذي قتله المشركون، أو وجد بالمعركة جريحا، أو قتله المسلمون ظلما ولم يجب فيه مال يكفن في ثيابه، لقوله صلى الله عليه وسلم” زملوهم في ثيابهم” رواه أحمد، والثياب التي يكفن بها وتلبس للستر، ولأن الدفن بالسلاح وما ذكر معه فكان من عادة أهل الجاهلية، فإنهم كانوا يدفنون أبطالهم بما عليهم من الأسلحة وقد نهينا عن التشبه بهم، وعند المالكية أن شهيد المعركة يدفن بثيابه التي مات فيها وجوبا إن كانت مباحة وإلا فلا يدفن بها، ويشترط أن تستره كله فتمنع الزيادة عليها.
أحكام غسل الشهيد
فإن لم تستره زيد عليها ما يستره، فإن وجد عريانا ستر جميع جسده، ولا يدفن الشهيد بآلة حرب وهي معه كدرع وسلاح وقال الحنابلة إن شهيد المعركة يجب دفنه في ثيابه التي قتل فيها، ولو كانت حريرا على ظاهر المذهب، وينزع السلاح، ولا يزاد في ثياب الشهيد ولا ينقص منها، ولو لم يحصل المسنون بها لنقصها أو زيادتها.