أسرار هذا الشهر المبارك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الإحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد يشعر الكثيرون في هذا الشهر المبارك بضرورة كتاب الله تعالي لهم كضرورة الماء والهواء، لئلا يضطرب شأنهم ويموج بعضهم في بعض فيقلب الله أُلفتهم شحناء واجتماعهم فرقة وأمنهم خوفا، وإحكامهم فوضى، في شهر رمضان المبارك ترتفع معايير القوة لدى المرء المسلم بحيث يصعب اضطرابه إن أحسن الطاعة فيه، وأدرك سرا عظيما من أسرار هذا الشهر المبارك متمثلا في قول النبي -صلى الله عليه وسلم ” إذا دخل شهر رمضان فتحت ابواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ” رواه البخاري ومسلم.
ألا يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، فكل عام وأنتم بخير جميعا فنحن نعيش في شهر رمضان المبارك ولا شك أن كل واحد منا يتمنى أن يكون من أهل المغفرة في رمضان ولكن هذا لا يأتي بالتمني وإنما بالعمل والأمل والعبادة والعزم والإجتهاد لذلك أحببت بهذه المناسبة أن أسطر لحضراتكم عدة وصايا لنعيش بها في هذا الشهر الكريم إذا طبقناها وعملنا بها نكون من الفائزين في رمضان إن شاء الله تعالى وهذه الوصايا تتمثل بالدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان، فندعو الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم كما كان السلف يفعلون ذلك فقد كانوا يدعون الله ستة أشهر قبل رمضان أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر بعد رمضان أن يتقبل منهم رمضان، وكان يحيى بن أبي كثير يقول ” اللهم سلمنا إلى رمضان، وسلم لنا رمضان، وتسلمه منا متقبلا”
فندعو الله أن يعيننا على أن نحسن صيام هذا الشهر وأن نحسن العمل فيه، لأنه قد يبلغك رمضان وأنت مصرّ على معصيته، حيث يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله إذا دعوت الله أن يبلغك رمضان فلا تنسي أن تدعوه أن يبارك لك فيه فليس الشأن في بلوغه وإنما الشأن ماذا ستعمل فيه؟ لأنك إذا وُفقت فيه لعمل صالح فإنك ستسبق الجميع إلى الجنة حتى الشهيد، وأيضا الفرح والإبتهاج بطاعة الله تعالي، والفرح برمضان يكون بالطاعة والعبادة وقد كان سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات والرحمات وقد صور رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفرحة بقوله ” للصائم فرحتان يفرحمها إذا أفطر فرح بفطرة، وإذا لقي ربه فرح بصومه ” متفق عليه.
وتخيل أخي الكريم بأن هذا ضيف عزيز عليك لم تره منذ سنة وجاء إليك فماذا أنت فاعل له؟ فأين الترحيب بالعمل الصالح؟ فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يستعد لشهر رمضان فأنار المساجد بالقناديل، فكان أول من أدخل إنارة المساجد، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح في رمضان، فأنارها بالأنوار وبتلاوة القرآن، حتى دعا له الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسبب ذلك، فعن أبى إسحاق الهمداني قال خرج على بن أبى طالب في أول ليلة من رمضان والقناديل تزهر وكتاب الله يتلى في المساجد، فقال ” نور الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نورت مساجد الله بالقرآن ” فألا فرحنا بالعبادة والطاعة كما كنا نفرح ونستعد بالطعام والشراب.
فقيل أنه باع قوم من السلف جارية، فلما اقترب شهر رمضان، رأتهم يتأهبون له، ويستعدون بالأطعمة وغيرها، فسألتهم عن سبب ذلك؟ فقالوا نتهيأ لصيام رمضان، فقالت وأنتم لا تصومون إلا رمضان، لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، ردوني عليهم.
أسرار هذا الشهر المبارك