Uncategorized

أولى سلاطين دولة المماليك البحرية

أولى سلاطين دولة المماليك البحرية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

أولى سلاطين دولة المماليك البحريةم بالعروة الوثقى، واعلموا أن في الدين عصمة أمركم، وحسن عاقبتكم وبعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن دولة المماليك في مصر، وعن الملكة شجر الدر، ولقد كانت شجر الدر من أصل أرمني أو تركي، اشتراها الصالح أيوب، وحظيت عنده، فأعتقها وتزوجها، لذلك هي من ناحية الأصل والنشأة أقرب إلى المماليك، واعتبرها المقريزي أولى سلاطين دولة المماليك البحرية، بويعت السلطانة الجديدة في الثاني من صفر من عام ستمائة وثماني وأربعون من الهجرة، وحلفت لها العساكر بإعتبارها سلطانة، كما عهد المماليك إلى عز الدين أيبك، وهو أحد الأمراء الصالحية، بأتابكية العسكر، فكان لها بمثابة الشريك، وقد قبضت شجر الدر على زمام الأمور في مصر بقوة.

وإشتهرت بحسن السياسة، فلما إستقرت في الحكم أنعمت على الأُمراء بالوظائف السنية، وأقطعت المماليك البحرية الإقطاعات الكبيرة، وأغدقت الأموال على الجند، حتى أرضت الكبير والصغير منهم، كانت فاتحة أعمال السلطانة الجديدة، إنهاء المفاوضات التي بدأت مع الصليبيين على عهد توران شاه، الذين ما زالوا يحتلون دمياط، والإشراف على رحيلهم، فعلى الرغم من أن الملك الفرنسي كان أسيرا في يد المسلمين في المنصورة، لكن دمياط ظلت قاعدة بحرية في قبضة الصليبيين مما يشكل تهديدا مباشرا لمصر بحال تحرك الغرب الأوروبي وأرسل حملة صليبية أُخرى إليها، لذلك أخذت تسعى لحل هذه المعضلة، بعد أن استقرت الأُمور لها في الداخل، وهكذا استؤنفت المفاوضات بين الجانبين، وفيها فرض المسلمين شروطهم على الصليبيين الذين كانوا في وضع حرج.

لا يسمح لهم بالمناورة، فاشترطوا عليهم ما يلي إعادة مدينة دمياط إلى المسلمين، وإطلاق سراح الأسرى، والتعهد بعدم مهاجمة السواحل الإسلامية مرة أُخرى، وأن يدفع الملك الفرنسي مبلغ خمسمائة ألف دينار مقابل إخلاء سبيله وسبيل الأسرى الصليبيين وتعويضا عما أحدثه الصليبيون في دمياط من النهب والدمار، وأن يدفع الملك الفرنسي نصف المبلغ قبل إطلاق سراحه والنصف الثاني بعد مغادرته مصر ووصوله إلى عكا، كما تعهد المسلمون من جانبهم، برعاية مرضى الصليبيين في دمياط والمحافظة على معداتهم إلى أن تحين الفرصة لأخذها، وحددت مدة المعاهدة بعشر سنوات، والراجح أنه حدثت خلافات داخلية بين المماليك بشأن الإفراج عن الملك الفرنسي أو الإحتفاظ به، إذ بعد أن وضع المسلمون يدهم على دمياط، أخذوا يتداولون في مسألة الإبقاء عليه.

وعلى الأسرى الصليبيين، وقد إنقسموا إلى فريقين، فريق رأى تنفيذ بنود الإتفاقية المعقودة مع الصليبيين، وعدم نكث العهود، وعلى رأسه السلطانة شجر الدر والأتابك عز الدين أيبك، وساندهما بعض المماليك الصالحية، وفريق رأى أن من مصلحة المسلمين الإحتفاظ بالملك الفرنسي وعدم إطلاق سراحه لإطلاعه على عورات المسلمين ومشاكلهم فيما بينهم، ولمركزه الديني الكبير في أوروبا، ويبدو أن وجهة نظر الفريق الأول إنتصرت في النهاية، وهكذا أخلي سبيل الملك الفرنسي لويس التاسع وأُمرائه وعدد كبير من بارونات الصليبيين، وكبار فرسانهم، بعد دفع نصف الفدية، أما بقية الأسرى فقد ظلوا في الأسر حتى يدفع كامل المبلغ المتفق عليه، وفي الرابع من شهر صفر من عام ستمائة وثماني وأربعون من الهجرة، أبحر الملك لويس التاسع وأتباعه إلى عكا، وبذلك إنتهت الحملة الصليبية السابعة على مصر، وضربت البشائر وأقيمت الأفراح في كافة أرجاء ديار الإسلام إبتهاجا بهذا النصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى