
أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد يا أيها الناس إتقوا الله تعالي عباد الله وعظموا شعائر الله عز وجل ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب فيا أيها المسلم اعمل لدنياك بقدر بقائك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها وإياك والتسويف فالموت أمامك والمرض يطرقك والأشغال تتابعك وحوادث الزمان ستفاجئك والخلاص بأمان من ذلك كله أن تستعين بالله تعالي وتبادر إلى عمل الصالحات وتثمن الأيام الفاضلات وليس يخفاك فضل عشر ذي الحجة.
فيا أيها المتردد في الذهاب للحج وليس ثمة ما يمنعك من مرض أو حاجة إستعن بالله تعالي وأعقد العزم فلا يزال في الأمر فرصة والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، واعلموا أن من فضائل العشر من ذي الحجة أنها أفضل من الجهاد في سبيل الله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام، ويعني العشر الأوائل من ذي الحجة، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال “ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ” رواه البخاري، وكما أن من فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة هو أن فيها يوم النحر وفيه ذبح الهدي والأضاحي، والأضحية هي سنة مؤكدة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على فعلها لما فيها من التقرب إلى الله عز وجل بإراقة الدماء.
ولما فيها من سد لحاجة الفقراء والمساكين وفيها إحياء لسنة أبينا الخليل إبراهيم عليه السلام، وقد قال بعض العلماء بوجوبها مستندين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ” رواه ابن ماجة، فهي سنة مؤكدة على كل مسلم حاجا أو غير حاج ذكرا أو أنثى، ينبغي لكل قادر موسر ألا يدعها، لأنها شعيرة عظيمة من شعائر الدين الإسلامي الحنيف حيث قال الله تعالى ” لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ” وقال تعالى ” فصل لربك وانحر ” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما ” رواه مسلم، وعن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر يوم الأضحى بالمدينة،
قال وكان إذا لم ينحر يذبح بالمصلى ” رواه النسائي، وقال بن الملقن لا خلاف أنها من شعائر الدين، ويبدأ وقت ذبحها بعد صلاة العيد، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من كان قد ذبح قبل الصلاة فليعد ” متفق عليه، وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق، أي أن وقت الأضحية يوم العيد وثلاثة أيام بعده على الراجح من أقوال العلماء، والمجزئ من الأضاحي ما كان من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والضأن والمعز ذكرا كانت أم أنثى، والسن المعتبرة في ذلك بالنسبة للإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة، وفي البقر ما بلغ سنتين ودخل في الثالثة، وفي المعز ما بلغ سنة ودخل في الثانية، وفي الضأن ما بلغ ستة أشهر فما فوق، ولا يجزئ ما كان أقل من ذلك، أما العيوب التي تمنع الإجزاء فهي المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أربع لا تجوز في الأضاحي، العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والعجفاء التي لا تنقي ” رواه البخاري ومسلم، والعجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها، وهناك عيوب أقبح من التي ذكرت في الحديث وهي أولى بعدم الإجزاء كالعمياء ومقطوعة اللسان ومقطوعة الأنف والجرباء والكسيرة ومقطوعة الإلية أو أكثرها والجلالة وهي التي تأكل النجاسة، فلا يضحى بها حتى تحبس ويطيب لحمها، وهناك عيوب أخرى تكره في الأضاحي وتجزئ الأضحية بها لكن غيرها أولى منها، وتجزئ الأضحية الواحدة أو سبع البدنة أو سبع البقرة عن الرجل وأهل بيته الأحياء منهم والأموات حتى الجنين في بطن أمه، فيجوز للمضحي أن يشرك معه في أضحيته من شاء من الناس الأحياء والأموات.
لكن لا يجوز أن يشترك في ثمن الأضحية من الغنم أو سبع البدنة والبقرة أكثر من شخص واحد، فالاشتراك في الثواب جائز، أما الاشتراك في التمليك فلا يجوز، ويجوز ذبح الأضحية ليلا أو نهارا لعدم الدليل على المنع والنهار أفضل، وتوزع الأضحية ثلاثة أثلاث، ثلث يأكله المضحي وثلث يهديه وثلث يتصدق به على الفقراء والمساكين، وهذه هي سنة الحبيب المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن رغب عنها فلا خير فيه.
أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل