
إعلام الترفيه والتفاهة من يسرق وعي الناس
بقلم: محمود سعيد برغش
ما إن تفتح موقعًا إخباريًا أو تطالع وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تُفاجأ بسيل لا ينقطع من الأخبار التي تُعيد نفسها بصور وأسماء مختلفة:
فنان طلق زوجته، ممثلة أعلنت زواجها، ورثة فنان يشتبكون في خلاف على الإرث…
وهكذا يستمر العرض، وكأننا نعيش في مجتمعٍ لا قضايا فيه سوى ما يجري خلف أبواب “الفن” وداخل البيوت المُغلقة للمشاهير.
لكنّ السؤال الجوهري هو:
من الذي قرر أن هذه المواضيع هي “أخبار الساعة”؟
ومن الذي اختزل اهتمامات الناس في قصص عاطفية لا تعنيهم في شيء؟
لقد وقع الإعلام – أو قُل بعضه – في فخ “السهل الرائج”، وابتعد عن رسالته الأصيلة.
صار يُغذّي الجمهور بمحتوى يُشبه الطعام السريع: مشبع ظاهريًا، لكنه فارغ من الداخل.
يغيب الحديث عن أزمة البطالة، ولا تجد أثرًا لتقارير عن تدهور الخدمات، أو عن فساد ينخر في الإدارات، أو عن معاناة لا تنتهي في القرى والنجوع.
بل الأخطر أن هذا النوع من الإعلام يسحب الوعي تدريجيًا، فيجعل القضايا التافهة مركز الاهتمام، بينما تصبح المآسي اليومية مجرد “خبر جانبي” أو “تقرير مؤجل”.
فمن يملك حق توجيه وعي الناس؟
ومن يحاسب وسائل الإعلام حين تُضلّل الجمهور بما لا يُفيد؟
أين هي المساءلة المهنية والأخلاقية؟
أين الإعلام الذي ينقل صوت الشعب، لا صوت الشهرة؟
أين البرامج التي تحاسب المسؤول، لا تُدلّل الفنان؟
ما نحتاجه اليوم ليس إعلامًا جديدًا… بل عودة إلى إعلام حقيقي.
إعلام يرى، ويسمع، ويتكلم بلسان الناس… لا بلسان “الترند”.
إعلام الترفيه والتفاهة من يسرق وعي الناس