مقالات

إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا

جريدة موطني

إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا

الحمد لله العليم الخبير، السميع البصير، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، لا إله إلا هو إليه المصير، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل الكبير، ثم أما بعد يقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وهذه مكافأة يمنحها الله عز وجل لكل من آثر الله ورسوله على هواه، فيحس أن للإيمان حلاوة تتضاءل معه كل اللذات الأرضية، ولأن من أحب شيئا أكثر من ذكره، فكلما إزداد العبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم حبا كلما إزداد له ذكرا، ولأحاديثه ترديدا ولسنته إتباعا.

ومع هذا كل تزداد حلاوة الإيمان، يقول الله تعالي ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا ” وقد جمع الله تعالى في هذه الآية لنبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم ما آثره به على باقي الخلق، وجملة من أوصاف المدح، فجعله شاهدا على أمته لنفسه بإبلاغهم الرسالة، وهي من خصائصه صلى الله عليه وسلم، ومبشرا لأهل طاعته، ونذيرا لأهل معصيته، وداعيا إلى توحيده وعبادته، وسراجا منيرا يهتدى به للحق، وكانت وثيقة حبه للأمه أن وقعها بالدم، ففي الطائف وقف المشركون له صفين على طريقه، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفين جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه، ومع بنى عامر بن صعصعة يعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليهم الإسلام ويطلب النصرة.

فيجيبونه إلى طلبه، وبينما هو معهم إذ أتاهم بيحرة بن فراس القشيري، فأثناهم عن إجابتهم له ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال قم فالحق بقومك، فو الله لولا أنك عند قومي لضربت عنقك، فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى ناقة فركبها، فغمزها بيحرة فألقت النبي صلى الله عليه وسلم من على ظهرها، فتصور حالته صلى الله عليه وسلم وقد قرب على الخمسين من عمره، ويسقط من ظهر الناقة ويتلوى من شدة الألم على الأرض، والإرتفاع ليس بسيطا، إنه يسقط على بطنه من إرتفاع مترين ونصف، بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حجر الكعبة إذ أقبل عليه عقبة بن أبى معيط فوضع ثوبه على عنقه، فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضى الله عنه حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ” أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ”

ويوضع سلا جزور على كتفيه صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، وينثر سفيه سفهاء قريش على رأسه التراب، ويتفل شقي من الأشقياء في وجهه صلى الله عليه وسلم، فصبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك كله لأنه يحبنا، فأوذي وضرب وعذب، وإتهموه بالسحر والكهانة والجنون، وقتلوا أصحابه، بل وحاولوا قتله وصبر على كل ذلك كي يستنقذنا من العذاب ويهدينا من الضلال ويعتق رقابنا من النار، وبعد كل هذا البذل والتعب ؟ نهجر سنته، ونقتدي بغيره، ونستبدل هدى غيره بهديه، فيا ويحنا وقد أحبنا وضحى من أجلنا لينقذنا، ودعانا إلى حبه، لا لننفعه في شئ بل لننفع أنفسنا فأين حياؤنا منه؟ وحبنا له؟ بأي وجه سنلقاه على الحوض؟ وبأي عمل نرتجي شفاعته صلى الله عليه وسلم؟ وبأي طاعة نأمل مقابلته في الفردوس؟

إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى