إن الإنسان لفي خسر
إن الإنسان لفي خسر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 30 ديسمبر 2024
إن الإنسان لفي خسر إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأصلي وأسلم وأبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن إهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد، روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودع فقال ” أنا محمد النبي الأمي قال ذلك ثلاث مرات ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش، وتجوّز بي، وعوفيت وعوفيت أمتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم؛ فإذا ذُهِبَ بي فعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه” والشاهد قوله “فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله” فلم يعلقهم بنفسه الشريفة ولا بذاته إنما علقهم بكتاب الله وبمنهج الله.
وفي هذا تربيتهم على التعلق بالمنهج، وأن الله سبحانه وتعالي حكم بالخسران التام على كل من لم يؤمن ويعمل الصالحات ولم يكن من أهل الحق والصبر فقال تعالي ” والعصر، إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ” وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالي لو فكر الناس كلهم في هذه الآية لوسعتهم، وذلك أن العبد كماله في تكميل قوتيه، قوة العلم وقوة العمل، وهما الإيمان والعمل الصالح وكما هو محتاج لتكميل نفسه فهو محتاج لتكميل غيره، وهو التواصي بالحق، وقاعدة ذلك وساقه إنما يقوم بالصبر” وكما أن الله سبحانه وتعالي خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر والمرحمة الذين قامت بهم هاتان الخصلتان ووصوا بهما غيرهم فقال تعالى ” ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، أولئك أصحاب الميمنة”
وأنه تبارك وتعالى قرن الصبر بمقامات الإيمان وأركان الإسلام وقيم الإسلام ومثله العليا، فقرنه بالصلاة فقال تعالي ” واستعينوا بالصبر والصلاة” وقرنه تعالي بالأعمال الصالحة عموما فقال تعالي ” إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات” وجعله قرين التقوى فقال تعالي ” إنه من يتق ويصبر” وقرين الشكر فقال تعالي “إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور” وجعله تعالي قرين الحق فقال تعالي ” وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” وقرين المرحمة فقال تعالي ” وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة” وكما جعله تعالي قرين اليقين فقال تعالي ” لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون” وقرين التوكل فقال تعالي ” نعم أجر العاملين” وكما قال تعالي “الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون” وقرين التسبيح والإستغفار.
فقال تعالي ” فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار” وقرنه بالجهاد فقال تعالي “ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين” وكما أن إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم فقال تعالي ” ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون” فاللهم عليك بأعداء الدين، اللهم اجعل كيدهم في تباب وسعيهم إلى خراب، اللهم اشدد عليهم وطأتك وارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم تابع عليهم النكبات واجعل أعمالهم عليهم حسرات، اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا، اللهم وفقهم للحكم بكتابك وإتباع سنة نبيك وأرزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم عليك بمن يحارب دينك ويصد عن سبيلك ويريد نشر الفاحشة في الذين آمنوا من المنافقين والمنافقات.
فاللهم عليك بهم، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.