اخبار

اثر تواجد النفوذ الروسي في ليبيا

اثر تواجد النفوذ الروسي في ليبيا

 

بقلم:الدكتور احمد صفوت السنباطي بمحكمة النقض 

 

منذ اندلاع الأزمة الليبية في عام 2011 وسقوط نظام معمر القذافي، أصبحت ليبيا ساحة مفتوحة لصراعات النفوذ الإقليمي والدولي، وبينما انخرطت قوى غربية وإقليمية في الصراع الليبي، برزت روسيا كأحد اللاعبين الدوليين الأكثر تأثيرًا، عبر دعمها لطرف دون آخر، وتوظيفها أدوات متعددة من بينها الشركات الأمنية، والدبلوماسية النشطة، والعلاقات العسكرية، يمثل النفوذ الروسي في ليبيا امتدادًا لاستراتيجية روسية أوسع تهدف إلى استعادة نفوذها في منطقة البحر المتوسط وشمال إفريقيا، ومزاحمة النفوذ الغربي، لا سيما الأمريكي والأوروبي.

لقد تجلّى الحضور الروسي في ليبيا بشكل واضح من خلال دعم موسكو للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، حيث وفرت له دعماً سياسياً، ومعلوماتياً، بل وعسكرياً عبر شركة “فاغنر” الأمنية التي لعبت دورًا كبيرًا على الأرض، خصوصاً في الشرق والجنوب الليبي، هذا التدخل لم يكن فقط لدعم طرف معين بقدر ما كان يعكس سعي روسيا لتعزيز حضورها الجيوسياسي عبر بوابة ليبيا، الدولة الغنية بالموارد النفطية والموقع الاستراتيجي.

من أبرز آثار النفوذ الروسي في ليبيا هو تعقيد المسار السياسي الساعي إلى تسوية شاملة، حيث أصبح وجود القوى الدولية، بما فيها روسيا، عاملاً يؤثر في التوازنات الداخلية ويعرقل التوصل إلى توافق بين الأطراف الليبية، كما أن هذا النفوذ فتح الباب أمام إعادة تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية، حيث باتت روسيا تنافس بقوة قوى إقليمية مثل تركيا، التي تدعم حكومة طرابلس، ما أضفى بعداً دولياً خطيراً على الأزمة الليبية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تسعى موسكو إلى تأمين موطئ قدم في قطاع النفط والبنية التحتية، ما يفسر حرصها على دعم شخصيات تضمن لها الوصول إلى عقود طويلة الأجل في حال استقرت الأمور لصالحها، كما أن القواعد العسكرية الروسية المحتملة في ليبيا تمثل تهديداً مباشراً للنفوذ الغربي في البحر المتوسط، وهو ما يزيد من توتر العلاقات بين روسيا ودول حلف الناتو.

اثر تواجد النفوذ الروسي في ليبيا

وختاما، فإن النفوذ الروسي في ليبيا يمثل حالة واضحة من التنافس الجيوسياسي على الأرض الليبية، حيث تستخدم موسكو أدوات متعددة لتعزيز حضورها، في وقت لا تزال فيه الدولة الليبية تعاني من الانقسام وعدم الاستقرار، ورغم ما تحققه روسيا من مكاسب آنية، إلا أن استمرار تدخلها يهدد بعرقلة أي حل سلمي شامل، ويزيد من تعقيد المشهد الليبي داخليًا ودوليًا.

اثر تواجد النفوذ الروسي في ليبيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى