
احفاد الذئب يتبارزون.
بقلم عبير مدين
حروب هنا وتوترات هناك! العالم يرقص رقصة الموت والفناء على دقات طبول الحرب وصافرات الإنذار! الجميع خاسر مهما استعرض من احصائيات للانتصارات والمكاسب.
فقط الابرياء في كل الأحوال هم من يكتوون بنيران الحروب والهموم ويدفعون أرواحهم أو تتشوه أجسادهم، يتركون صغارهم للمجهول ونسائهم تنوح لحظة الوداع لا تعلم إن كانت سوف ترتدي ثياب الفرح يوما أم سوف ترتدي باقي العمر ثياب الحداد، هل سيعود الحبيب سريعا صحيحا أم سيخطفه الموت أو يخطف بعضه، ومن ينجو لن ينجو لأن معظم العائدين لا يعودون كما غادروا حتما سوف يتغيرون؛ قد تتغير ملامحهم، أجسادهم، وحتى أرواحهم سوف تتغير لسنوات وربما لنهاية أعمارهم سوف يظل كابوس الحرب يطاردهم حتى لو عادوا بالنصر الموعود وببروق ورعود!
كل هذا من أجل تصفية الحسابات صراعات مصالح القادة الذين يوما ما وبعد خراب مالطة سوف يجلسون على مائدة المفاوضات يشربون نخب السلام ثم يتصافحون أمام كاميرات التلفزيون وهم يبتسمون!
وبعد سنوات وسنوات قصص قديمة سوف تعاد صياغتها في كل عصر بعبارات مختلفة! سوف يختلف عنوان الحكاية من قاص لآخر لكن المحصلة النهائية موت حفنة من الأبرياء وتشريد حفنة أخرى وتدمير بلدان وتخريب أوطان.
وسيبقى الجميع يتعاطف مع ليلى إلى أن يتعلم الذئب الكتابة أو إلى أن يجلس أحفاده يوما ما يروي كل واحد منهم على منبر إعلامي تفاصيل الحكاية وما جرى في الكواليس من منظوره وحسب قناعاته وسوف يكون لكل واحد منهم أنصار ومريدون يحملونه فوق الأعناق وهم بالهتاف يتبارزون وتصبح ليلى هي الجاني الحقيقي وأن الذئب قتل الجدة العجوز القعيدة دفاعا عن نفسه أو أنها هي من أقدمت على الانتحار لتورط الذئب المسكين في الجريمة!
وقد تسمعها الأجيال القادمة تحت مسمى تاريخ بدون تشويه أو سلسلة تصحيح التاريخ أو…
لكن بعد أن أصبحت الحكاية لا تعنيهم أو بعد أن تكون خريطة العالم ومقدرات الشعوب قد تغيرت نتيجة جنون القادة وجموحهم.
لكن هؤلاء القادة سوف تظل اللعنات تطاردهم وهم أحياء وبعد الموت لن تهدأ أرواحهم أو تستكين في القبور.
احفاد الذئب يتبارزون.