ادب وثقافة

افكار بصوت مرتفع

جريدة موطني

افكار بصوت مرتفع 

زينب كاظم 

سأتحدث في هذا المقال عن تجربة شخصية مررت بها انا شخصيا واحببت ان اتشارك فيها مع الناس والتجربة تتعلق بموضوع الصورة المرفقة مع هذا المقال وهي قصة طويلة ومؤثرة ولها عمق وتجربة من صميم الواقع الذي عشته وفيها من الحكم الكثير .
والقصة كالاتي :انا انسانة ولدت وسط عائلة الاب محامي ناجح وطيب القلب وذكي ويناصر الحق مهما كان والام تربوية شديدة شدة خفية في التربية ووالدي كان ذكيا ويفهم بلغة الجسد وقارئ فطن للافكار وخبيرا فطريا للتنمية البشرية وفنون العلاقات فأفاده ذلك كثيرا في عمله السامي في عالم القانون والمحاماة وكانت رحلته طويلة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي حتى وافته المنية في اول يوم للسنة الميلادية في صباح يوم مشؤوم وحزين في الاول من كانون الثاني من عام( 2005) اثر نوبة قلبية فجائية فوصل للمستشفى متوفيا ولم نستطع اسعافه رحمة الله على روحه وكان يملك حسا وطنيا عاليا فكان يتألم عند دخول الامريكان للعراق في (2003) والهجوم على المكتبة الوطنية وعلى مباني الدولة والخراب والويلات التي ذقناها من جراء الاحتلال وهو ابن ذلك الجيل الطيب الذي يملك حبا للوطن وطهرا وخلقا وهذه نبذة عن والدي الانسان والمحامي .
والقصة هي عندما كنت في المرحلة الثانوية وكله شخصا فقيرا بدعوى قضائية وكان واضعا اخر نقطة مضيئة للامل عنده في والدي اذ كان متهما ظلما بجريمة قتل والادلة الجنائية كلها ضده فحكم عليه بالاعدام فكان مسجونا في زنزانة السجن الانفرادي ولم يبقى على تنفيذ الحكم بحقه سوى يوم او يومين فكانت تلك القضية بالنسبة لوالدي اما حياة او موت فكان لا ينام ابدا ويفكر بالرجل لأنه تحدث اليه فعرف من قراءته لعيونه وللغة جسده ولدموعه الغزيرة الصادقة انه مظلوما فظل يبحث ويبحث عن ومضة امل تحيي الامل والروح داخل ذلك الرجل المسكين فوجد حجة غياب لساعتين بعيد عن المكان الذي تمت فيه الجريمة فذهب اليه والدي للسجن وهو يحمل دليل براءته بيده ففرح الرجل وقبل رأس والدي وشكره على اصراره وعلى نزاهته وعلى عشقه لمهنته وصدقه وذكاءه فخرج ذلك الانسان من السجن الى عائلته مرفوع الرأس وكانت عند ذلك الرجل موهبة طاغية وراقية في الرسم فرسم لوحة لرجل يفتح باب السجن وبيده يمسك ورقة مكتوب عليها كلمة (براءة) بعد جلوسه بين افكاره البائسة وتحضره لموعد تنفيذ حكم الاعدام واللوحة كانت بألف مقال فاعتز بها والدي جدا ووضعها في حقيبته الدبلوماسية مع اوراقه المهمة وصار ينظر اليها كلما فتح الحقيبة لكن في مرة من المرات ذهب الى احد الاماكن ثم عاد للبيت وعندما فتح حقيبته لم يجد اللوحة والكثير من الاوراق المهمة مختفية ومسروقة كذلك فأثر ذلك على نفسيته جدا جدا فظلت اللوحة في مخيلتي وكلفت العديد من الناس والرسامين فلم يستطع احد ان يرسم مثل الصورة التي في مخيلتي حتى وجدت شابة صغيرة صديقة ابنتي رسمتها بشكل اجمل من خيالي بكثير فاندمجت الصورة التي احملها في رأسي منذ زمن طويل مع خطوط الابداع التي خطتها الانامل الذهبية المبدعة لتلك الشابة الصغيرة …
والحكمة هي ان الله لا ينسى عبدا مظلوما ويدعوه بصدق وكذلك معرفة الناس النزيهين مثل والدي كنز عظيم .. والعديد العديد من العبر والحكم تحمله تلك القصة …. 

افكار بصوت مرتفع

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار