
البديل للفقر والعوز في أي زمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، لقد جعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في العمل نوعا من أنواع الجهاد في سبيل الله تعالى، فعن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال.
” مر على النبي صلي الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان ” ولقد كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عمال أنفسهم كما تقول عائشة رضي الله عنها، فها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أتجر قريش، وما قتل عثمان بن عفان رضي الله حتى بلغت غلة نخله مائة ألف، وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول يا حبذا المال أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي” ويقول صالح ابن الإمام أحمد رحمهما الله ” كان أبي ربما أخذ القدوم وخرج إلى دار السكن يعمل الشيء بيده ”
وقد جعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم البديل للفقر والعوز في زمانه الشريف هو العمل، وذاك ما يتصوره الناس أنه أحقر وأشق المهن “الإحتطاب” فقال صلى الله عليه وسلم ” لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب علي ظهره فيبيعها فيكغ الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه ” رواه البخاري، فعلى الشاب أن يبدأ مسيرة العمل بما تيسر له وأن لا يأنف من أي عمل يبدأ به والله يعينه وسيوفقه إلى عمل أرقى ومنزلة أسمى طالما بدأ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى “لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ثم يسأل الله تعالى فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة” بل كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يجعل العمل حلا دائما لمشكلة البطالة والحاجة، وإستخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقة المزاد الحديثة المعروفة على بعض.
مما يملك هذا الصحابي ليشتري به أدوات إنتاجه، ويرسخ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مبدأ ضرورة العمل وأنه باب المغفرة ويوجه أصحابه إلى ذلك قائلا ” من أمسى كالاًّ من عمل يده بات مغفورا له ” رواه الطبراني، ويؤسس هذه القاعدة الجليلة في المكاسب بقوله صلى الله عليه وسلم ” أطيب ما أكل المؤمن من عمل يده ” ولقد أنقسم الناس في الجملة فيما يتعلق بالكسب والعمل إلى أقسام متعددة، فقسم زعموا أن السعي في طلب الرزق والتكسب ينافي التوكل على الله تعالى، فلزموا القعود والتخلف عن طلب المعاش والسعي في الأرض فخالفوا بذلك ما أمروا به، وأصبحوا عالة على غيرهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن متوكلون، فيحجون فيأتون مكة فيسألون الناس فأنزل الله ” وتزودوا فإن خير الزاد التقوى”