عمار يتحدث عن أم المؤمنين عائشة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وقد أجمع عامة من عرفوها أنها كانت من أفضل وأعلم وأحكم وأعقل النساء إن لم تكن الأفضل والأعلم والأحكم والأعقل، ولقد أدرك ذلك المستشرق بودلي بعدما زار الجزيرة العربية فعاد من زيارته يقول كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب، ومثل هذا الزواج مازال عادة آسيوية، وشرق أوروبية وكذلك كان طبيعيا في إسبانيا والبرتغال حتى سنين قليلة” ثم يقول المؤرخ المنصف بودلي منذ وطئت قدمها بيت محمد، كان الجميع يحسون وجودها، ولو أن هناك شابة عرفت ما هي مقبلة عليه، لكانت عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها”
والله تعالي قد أعد السيدة عائشة رضي الله عنها لمهمة معينة كما كان لكل زوجه من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم دور في حياة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وتاريخ هذه الأمة، فالسيدة عائشة رضي الله عنها منذ ميلادها والله يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنها ستكون زوجته، ويأمره بزواجها في هذا السن الذي يكون الذهن فيه متفتحا وحاضرا والحافظة قوية والفكر متقدا، لأنها ستكون وعائا يحفظ الدين وقلما يسجل حياة النبي صلى الله عليه وسلم وجوانب مهمة وخاصة من حياته صلى الله عليه وسلم ويتعلق قلب النبي صلى الله عليه وسلم بها أكثر فيلازمها أكثر فتتعلم أكثر ويحجب الله تعالي عنها الإنجاب لتتفرغ لمهمتها أكثر وأكثر، وتخيلوا أيها الأخوة الكرام، هذا الدين وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم في غياب أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.
فإننا والله لمدينين لها بالكثير، ويقول عمار ” والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولكن الله إبتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها ” وليس في قول عمار هذا ما يطعن به على السيدة عائشة رضي الله عنها بل فيه أعظم فضيلة لها، وهي أنها زوجة نبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فأي فضل أعظم من هذا، وأي شرف أسمى من هذا، فإن غاية كل مؤمن رضا الله تعالي والجنة، وقول عمار هذا يمثل رأيه، وعائشة رضي الله عنها ترى خلاف ذلك، وأن ما هي عليه هو الحق، وكل منهما صحابي جليل، عظيم القدر في الدين والعلم، فليس قول أحدهما حجة على الآخر، وغاية ما في قول عمار هو مخالفتها أمر الله تعالي في تلك الحالة الخاصة، وليس كل مخالف مذموما حتى تقوم عليه الحجة بالمخالفة، ويعلم أنه مخالف، وإلا فهو معذور إن لم يتعمد المخالفة.
فقد يكون ناسيا أو متأولا فلا يؤاخذ بذاك، وعمار رضي الله عنه ما قصد بذلك ذم عائشة ولا إنتقاصها، وإنما أراد أن يبين خطأها في الإجتهاد نصحا للأمة، وهو مع هذا يعرف لأم المؤمنين قدرها وفضلها وقد جاء في بعض روايات هذا الأثر عن عمار أنه سمع رجلا يسب عائشة، فقال إسكت مقبوحا منبوحا، وأما موقف أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من مقتل ألخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأنها تقول “اقتلوا نعثلا فقد كفر” فالحق أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تكنّ للخليفة عثمان بن عفان كل احترام وتقدير وهي تدرك عظيم منزلته في قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقد روت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم فضائل ثابتة عن عثمان رضي الله عنه.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة ” ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ” رواه مسلم، أما ما رواه ابن أبي الحديد الشيعي المعتزلي، من أنها كانت تنادي بقتله وتسميه نعثلا، فهذا لا أساس له من الصحة وهو من فريات السبئية لعنهم الله، ليوغروا عليه صدور المسلمين وليظفروا بمبتغاهم في الطعن على الصحابة رضوان الله عليهم.