الدكرورى يكتب عن التربية بالترغيب والترهيب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 5 فبراير 2024
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد إن من أنواع التربية هو التربية بالترغيب والترهيب، والترهيب والترغيب من العوامل الأساسية لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الاجتماعية، ويمثل الترغيب دورا مهما وضروريا في المرحلة الأولى من حياة الطفل لأن الأعمال التي يقوم بها لأول مرة شاقة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة، كما أن الترغيب يعلمه عادات وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها، والترغيب نوعان هو نوع معنوي ومادي، ولكل درجاته فابتسامة الرضا والقبول.
والتقبيل والضم،والثناء، وكافة الأعمال التي تبهج الطفل هي ترغيب في العمل، ويرى بعض التربويين أن تقديم الإثابة المعنوية على المادية أولى حتى نرتقي بالطفل عن حب المادة، وبعضهم يرى أن تكون الإثابة من جنس العمل، فإن كان العمل ماديا نكافئه ماديا، والعكس، وإن وسائل التربية تتعدد وتشمل جميع المؤثِرات في سلوك الطفل، ومنها التربية بالقدوة، فالطفل يحس بالحاجة إلى الانضواء تحت راية كائن مرموق، فيتجه إلى الاقتداء بالوالدين أو الإخوة أو المعلمين أو الأصدقاء، ثم يتحول الاقتداء إلى عملية فكرية يمتزج فيها الوعي والانتماء بالمحاكاة والاعتزاز، ويظل محتاجا إلى القدوة في كل مراحل حياته، والاقتداء من أعظم عوامل الإصلاح، إضافة إلى أنه يشبع الحاجة الغريزية.
لأن الطفل لديه قدرة عجيبة على المحاكاة بوعي أو بغير وعي، وهو يعتقد أن كل ما يفعله الكبار صحيح من آباء وأمهات وأجداد وجدات وإخوة كبار إذ هم أكمل الناس عنده، ويوصي علماء التربية بالاهتمام بتربية الولد البكر ذكرا كان أم أنثى لأن إخوته يقلدونه ويتأثرون به، وعلى الوالدين أن يحققا إسلامهما في كل صغيرة وكبيرة ليتربى ولدهما تربية إسلامية، وإذا كان أحدهما مبتلى بمعصية أو ببدعة فعليه أن يستخفي بها عن أولاده، كالتدخين وشرب المسكر وترك الصلاة وغيرها، وكلما كبر الطفل تعدد الأشخاص الذين ينالون إعجابه ويقتدي بهم، كالرفقة والمعلم والجار، وقد تكون بيئة الطفل واسعة، فيها الجد والجدة واللذين يؤثران في سلوك الطفل لعلاقتهما الحميمة به.
كما أن وجود الخدم والمربيات واهتمامهم بالطفل يجعله مقتديا بهم، يقتبس من سلوكهم حسب محبته لهم واختلاطه بهم، ولا بد أن يربط المربي ولده بالقدوة الأول صلى الله عليه وسلم وصحبه، فيعلمه السيره والمغازي، وما تتضمنه من قصص نبوي، ويعلمه السنن والأخلاق، وإذا أرشده إلى خُلق ذكره بأنه خُلق نبوي شريف، ليرتبط به وجدانيا وسلوكيا، ومن الخطأ أن يعجب الوالدان بتقليد ولدهما للاعب أو ممثل أو مغني، ولو كان ذلك التقليد طريفا لأن هذا يغرس محبة القدوة السيئة في نفس الطفل دون شعور الوالدين، ومن الخطأ كذلك شراء الملابس أو الأدوات التي تحمل صور المنحرفين أو أسمائهم أو ألبستهم الخاصة لأن هذا يورث الاقتداء بهم.