اخبار

الحماية والوقاية من تحريف الغالين

الحماية والوقاية من تحريف الغالين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوازي نعمته علينا بالإسلام، إذ أنزل إلينا خير كتبه، وأرسل إلينا أفضل رسله وشرع لنا أفضل شرائع دينه وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس والصلاة والسلام على خير البرية وآله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد أوصي الإسلام بالجار وجعل من حقه واجبات الجوار سواء كان الجوار مؤقتا أم دائما، وسواء كان قريبا أم بعيدا، فحكمه واحد كما تبيّن في الكتاب والسنة وهو الإحسان ولكن أين يتجلى هذا الإحسان؟ فيتجلى في حقوق وواجبات، وكما أوصي الإسلام الآباء والأمهات بتربية أبناءهم تربية حسنة علي كتاب الله وسنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم، ولكن هل فكرت يوما في أن إمكانات طفلك قد لا تتناسب مع تحقيق هذه الأحلام؟ 

 

ولو فرضنا جدلا أن تلك الأحلام قد تحققت جميعا فماذا لو أصبح المجتمع يكتظ بذوي الوظائف المرموقة؟ وهل تستقيم الحياة بدون المزارع والصانع والخباز والنجار، والحداد وعامل النظافة وغيرهم من ذوي المهن التي لا تتمناها لطفلك؟ ولكن ما هو الحل في رأيك؟ واعلموا يرحمكم الله بأن الله تعالى كما قسّم الأرزاق، فقد قسم المواهب وجعلها مختلفة لكي يتكامل الناس، ويتعاونون ويحتاج بعضهم إلى بعض حتى يعمروا الكون” لذلك فإن بداية الحل هي أن تحلم لطفلك أحلاما لا تتعارض مع مواهبه وفي نفس الوقت لا تحتاج لتحقيقها إلى أن تدفعه دفعا يحطم نفسيته ويطمس مواهبه الطبيعية المعبّرة عن ذاته، ويضعف شخصيته، فإذا أردت له السعادة فدعه يكون نفسه وليس أنت أو أي أحد آخر ممن تعجب بهم. 

 

وبقية الحل هي أن تهتم بمستقبله في الآخرة كما تهتم بمستقبله الدنيوي، بل أكثر، فكما تخشى عليه من هبّات النسائم الرقاق في الدنيا، كذلك يجب أن تخشى عليه من عذاب الله في الآخرة، وكما ينبغي عليك بأن تحلم له بإيمان قوي، وعقيدة راسخة وهمة عالية، فإن ساعدته على تحقيق ذلك أصبح طفلك متفوقا في كل نواحي حياته عزيز النفس وعالي الهمة، مرموقا في أي وظيفة يقدرها الله سبحانه له، يعرف كيف يسعد نفسه ويسعد غيره فيكون لك قرة عين ومن ثم يكون مسلما حقا، فهل يراودك هذا الحلم؟ فإذا كانت إجابتك هي نعم، فتعال معي عبر السطور القادمة لترى محاولة لتحقيق هذا الحلم، عسى الله الكريم أن ينفع بها فله الحمد ومنه وحده التوفيق والمنة والفضل، واعلموا يا معاشر المؤمنين والمؤمنات، أنه مما تواتر أن الجماعة رحمة، وأننا جميعا مستظلون بظلالها الوارفة.

 

ومحتمون بحماها الواقي من الفتن والشرور، وينبغي علينا جميعا المحبة للإمام والوطن والناس، إذ بدون المحبة، لا يمكن أن ينتج الفرد ما ينفع لأن الأنانية وحب الذات وإتباع الهوى تعمي عن مصالح الجماعة وثوابتها وأمورها الجامعة، وعلينا أداء الواجب المنوط بكل فرد، مع الإخلاص فيه والتفاني في إتقانه وإحسانه، مع الإحتساب والشعور بالمسئولية أمام الله تعالى لقول النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” وكما علينا الإلتزام بثوابتها التي سارت عليها وشكلت سر قوتها وجمع ثقافتها الدينية والدنيوية، وبنت عليها عهودها وعقودها عبر التاريخ، حيث يجب الإلتزام بهذه الثوابت لأنها الضامنة للأمن، لما تضمن من الأمن الروحي والإجتماعي للفرد والجماعة، ولما فيها من الحماية والوقاية من تحريف الغالين. 

 

وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ومن تلك الثوابت هي العقيدة الأشعرية، وهي نسبة إلى أبي الحسن الأشعري الذي توفي عام ثلاثمائة وأربع وعشرون للهجرة، وعقيدته في تعريف الإيمان هي عقيدة أهل السنة والجماعة عبر قرون خلت، وهي العقيدة الوسط التي تحمي المجتمع من التكفير والتفسيق والتبديع، وتحرص كل الحرص على أن لا تكفر أحدا من المسلمين، ممن قال لا إله إلا الله، مصداقا لقول النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم لأسامة بن زيد بعد أن قتل رجلا قال لا إله إلا الله ” فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ” ومنها المذهب المالكي، وهو نسبة لإمام دار الهجرة مالك بن أنس بن مالك رحمه الله وقد توفي عام مائة وتسع وسبعون للهجرة، وهو الجامع لتراث المدينة الفقهي والحديثي. 

الحماية والوقاية من تحريف الغالين

والوارث لما عليه الخلفاء الراشدون وكبار الصحابة والتابعين، والعلماء السبعة المشهورون، كل هذا يعطي السبق لمذهب مالك رحمه الله عند الإختيار، ويوضح حسن إختيار المغاربة له عبر التاريخ، وعليه وعلى أصوله كانت فتاواهم وإجتهاداتهم ونوازلهم، حين إلتزموا الإفتاء والتدريس بالمشهور فيه، وما كان عليه السلف، وما جرى به العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى