
الدفاع الحقيقي عن الوطن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي فرض على عباده الحجّ إلى بيته الحرام ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام، أحمده سبحانه على الرخاء والنعماء وأشكره في السراء والضراء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شرع الشرائع وأحكم الأحكام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها وسارت دعوته سير الشمس في الأقطار وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وإستجابت لدعوته القلوب طوعا وإذعانا وإمتلأت بعد كفرها أمنا وإيمانا، فجزاه الله عن أمته أفضل الجزاء وصلى عليه صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء وسلم تسليما كثيرا أما بعد إن الدفاع عن الوطن.
يكون بنشر الحب والتكافل الإجتماعي بين أبنائه كي يكونوا أقوياء صامدين في وجه أي إعتداء خارجى، وحين يدافع الإنسان عن وطنه يشعر كما لو أنه يدافع عن روحه وعن حق نفسه وأبنائه بالعيش بأمانة وثقة، دون أن يكونوا خائفين، والدفاع الحقيقي عنه يكون أيضا بمحاربة الكراهية والبغضاء التي ينشرها أصحاب النفوس المريضة فيه، وعدم الاستسلام لأي شائعات أو أقوال ينشرها المشككون في حبه، ويكون أيضا بوقف أي استغلال لأراضيه بطريقة سيئة، والدفاع عن خيراته ومقدراته من الإسراف والتبذير والضياع، أو الإستغلال غير الصحيح، وزراعة الأشجار في صحرائه كي تصبح جنة، وتعمير أراضيه، وإن توعية أبناء الوطن بما يجب أن يفعلونه تجاهه من أهم أنواع الدفاع عنه، فالدفاع عنه لا يقتصر على حمل السلاح فقط.
بل يحتاج إلى الوعي الكبير والقدرة على مجاراة جميع الدول وتحمل الظروف والأحوال التي تعصف بالبلاد والعباد، والعمل على التأقلم مع هذه الظروف ومنع تأثيرها على الوطن ومقدراته، أما الانحناء للعاصفة يعني الاستسلام والتخاذل، وترك الوطن وحيدا في مهب الريح، كما أن الوفاء يحتم على الجميع الوقوف صفا واحدا لحمايته والدفاع عنه لينعم بالسلام الدائم، والتطور المستمر الذي يضعه في المقدمة دائما، وإن من أثر غياب حب الوطن هو أن يحب الإنسان وطنه يعني أن يكون مستعدا للتضحية بنفسه وولده وماله، كي تظل راياته عالية، أما إن غاب هذا الحب فسيشعر الإنسان أنه غير منتمى إلى أرضه، ولن يكون في داخله أية أهداف ليحققها في سبيله، وربما لا يشعر الشخص بداية أن لغياب هذا الحب أثر، لكن غياب حب الوطن له أثر سلبي.
لأنه يعطي شعورا بالإنسلاخ عن الأرض والسماء والتراب والأهل والبيت، فيعيش المرء في حالة غربة بينه وبين نفسه، ولا يكون قادرا على أن ينتمي إليه مهما واجه وطنه من محن وظروف، وهذا يعد نوعا من الخيانة غير المقبولة، لأنه يجعل القلب يتجه لا شعوريا تجاه بلاد غريبة لتحل مكان البلاد التي ينتمي إليها الإنسان، وإن غياب حب الوطن يجعل الإنسان يشعر بالغربة حتى عن نفسه، لأنه يفقد الانتماء الداخلى الذي يدفعه للتقدم والتطور لأجل أن يكون بلده فخورا به، كما يفرز هذا الغياب مجتمعات مفككة ينتشر فيها العداء والتفرق، ويصبح هدف كل مواطن السعي لمصلحته فقط دون تذكر مصالح بلاده وأهله، وهذا يخلق حالة من الفراغ العاطفي الكبير، فالإنسان الذي لا يعرف قيمة وطنه ولا يفي له بالعهود، لا يمكن أن يكون وفيا لأي شيء.
الدفاع الحقيقي عن الوطن