المقالات

الدكروري يكتب عن الإحساس والإندماج في الوطن

الدكروري يكتب عن الإحساس والإندماج في الوطن

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الإنسانية هي مجموعة قيم أخلاقية هامة نحتاجها اليوم للتعامل مع بعضنا البعض، ولقد ظهر في مطلع القرن التاسع عشر مصطلح الإنسانية، وكان ذلك لوصف أفكار عصر النهضة، وأخذت فكرة دراسة الإنسانية أهميةً كبرى، وتضمنت دارسة الأعراف في الآداب والشعر، والبلاغة، والتاريخ، وقواعد اللغة اللاتينية، والفلسفة الأخلاقية، كما لم يكن هناك حاجز أمام أي فرد في تعلم هذه القيم، واستطاع بعض الطلاب دراسة الإنسانية وما تحملها من قيم إلى جانب استكمال تعليمهم في أفرع دراسات أخرى، مثل الطب والقانون، والعلوم الإنسانية، فالطن يحتاج منا جميعا اليوم الإنسانية والتعامل بها، ولكن هل الوطن هو الأرض التي تربّيت عليها وعشت بها، أم تراه منزلي أم الوطن هو تلك الأرض العظيمة التي تحكمها دولة واحدة تحت علم واحد وقوانين واحدة؟

ولكن أعتقد أن ذلك كله لا يهم ما دام قلبي ينبض عند سماع تلك الحروف الثلاثة التي تحضنني وضعفي فيتلملم الأول منا على الثاني ويكفكف كل واحد منا دموع الآخر، ولو أردت التعبير عن حبي لوطني فكيف سيكون ذلك؟ فهل نكتب على ورقة ناصعة البياض نحبك أيها الوطن؟ ولو فعلنا ذلك هل سيشعر بأحاسيسنا التي نكنها له؟ ولكن هذه الطريقة ليست مجدية على الإطلاق، إذ حب الوطن يعني الإحساس فيه وأن أندمج وإياه في كينونة واحدة فنكون كالشيء الواحد أو كما سمعت ذات مرة كالجسد الواحد، ذلك الجسد الذي يتحامل على ضعفه حتى يكون كل منا قويا بالآخر، ولكن ما هي الطريقة المجدية في خدمة أرض عشقتها وأكسبتني اسمها وربما صرت شبيها بها، إذ بشرتي السمراء وعيناي السوداوان تنمان عن المكان الذي ولدت فيه.

وبما أن الإنسان هو شبيه أرضه فلو خدمتها لخدمت نفسي أولا وخدمتي لوطني تكون من خلال تنمية نفسي أولا فكما رأيت أنني أنا ووطني واحد، فلا بد أن تكون مصالحنا مشتركة، وتكون تنمية نفسي وتطويرها من خلال عملي الجاد والدؤوب في الوصول إلى أعلى المراتب العلمية، وكذلك تثقيف ذاتي فلا يرتفع الوطن إلا من خلال ارتفاع أبنائه، فلا بد لي أن أكون ذلك المواطن الصالح الذي يسعى إلى تقويم نفسه حتى يرفع من سوية بلده، لا بد أن تكون خدمة وطني بنشر مفهوم حب الوطن فأنشر ذلك المفهوم بين أقاربي وعائلتي ونتباحث فيما بيننا أسهل الطرائق التي يتم الوصول من خلالها إلى خدمة الوطن، وذاك النهر الذي يمر بجانب القرية وتشرب منه الحيوانات قد اعتادوا الناس على رمي الأوساخ فيه، ولا بد نتعاون فيما بيننا على تنظيف ذلك النهر والانتباه إليه.

بحيث نكتب بضع لوحات، تبين أهمية المحافظة على مياه الوطن وأرض الوطن، فإن خدمة الوطن في تتلخص في الإحساس فيه والشعور بمآسيه والعمل بين بعضنا حتى نخفف من أحزانه التي نتسبب بها نحن، ونشر ثقافة التعاون بين أهل القرية لأن القرية هي جزء واحد من مجتمع عظيم تشرف عليه دولة بأكملها، والإنسان كما هو مسؤول عن ذاته لا بد أن يكون مسؤولا عن الأرض التي يعيش فيها ويأكل من خيراتها ويشرب من مائها، وهناك آدب الاستئذان، ولقد أمرتنا الشريعة بالاستئذان عند الدخول على أي إنسان في بيته، وهذا الاستئذان فيه احترام لخصوصيته في بيته، وعدم اجتراء على هتك هذه الخصوصية، فقال الله تعالى فى سورة النور” يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار