أخبار ومقالات دينية

الدكروري يكتب عن الحكمة وأصل الرجل

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن الحكمة وأصل الرجل

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي كان من رحمتة صلى الله عليه وسلم مع بعض أخطاء الغير، فيحكي خوّات بن جُبير عن نفسه، فيقول‏‏ نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران‏،‏ قال‏ فخرجت من خبائي، فإذا أنا بنسوة يتحدثن فأعجبنني، فرجعت فاستخرجت حلة فلبستها، وجئت فجلست معهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبة، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطت، وقلت‏ يا رسول الله، جمل لي شرد، فأنا أبتغي له قيدا‏،‏ ومضى فاتبعته، فألقى إليّ رداءه، ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضأ، فأقبل والماء يسيل على صدره من لحيته‏،‏ فقال‏ ” أبا عبدالله، ما فعل ذلك الجمل‏‏؟” وارتحلنا، فجعل لا يلحقني في المسير.

 

إلا قال‏ ” ‏السلام عليك أبا عبدالله، ما فعل شراد ذلك الجمل‏‏‏؟” فلما طال ذلك عليّ أتيت المسجد، فقمت أُصلي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره‏،‏ فجاء فصلى ركعتين، فطولت رجاء أن يذهب ويدعني،‏ فقال‏ ” أبا عبدالله، طوّل ما شئت أن تطوّل، فلست بمنصرف حتى تنصرف‏” فقلت في نفسي‏ والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبرئن صدره‏،‏ فلما انصرفت، قال‏ ” السلام عليك أبا عبدالله، ما فعل شراد ذلك الجمل‏‏‏؟” قلت‏‏ والذي بعثك بالحق، ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت،‏ فقال صلى الله عليه وسلم‏‏ ‏” يرحمك الله ” ثلاثًا، ثم لم يعد لشيء مما كان‏، فالرحمة أفضل ما تكون بالدلالة على الخير، فكم من أناس هُدوا إلى سواء السبيل، ودُلوا إلى المعلم والدليل، فأصابوا رحمة الله العظيم الجليل.

 

ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أصل الرجل عقله، وحسبه دينه، ومروءته خلقه، وقال بعض الأدباء صديق كل امرئ عقله، وعدوه جهله، وأنا لا أرى عدوا أعدى من الجهل، قد يكون لنا عدو، واليهود لعنهم الله، ولكن أشد عداوة لنا منهم جهلنا، لأن الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، وإنه من يستجيب لنداء العقل فسعد في الدنيا والآخرة، وهنا رجل من كبار الصحابة، اسمه نعيم بن مسعود وهذا زعيم غطفان وجاء على رأس جيش ليحارب النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في معركة الخندق ، فكانت له قصة رائعة، فكان مستلقيا في خيمته، وهو يحاصر النبي عليه الصلاة والسلام، وقد جرى حوار ذاتي، داخلي، الآن إذا إنسان ركب وسافر وحده، ساكت، هو ليس ساكتا، هناك حوار مع ذاته.

 

وكل واحد منكم إذا ماشي بالطريق وهو صامت، أو جالس ينتظر وهو صامت، لا بد من حوار مع الذات، فهذا الحوار مع الذات مهم جدا، فهذا الصحابي الجليل يخاطب نفسه، فيقول ويحك يا نعيم، أنت عاقل، لماذا جئت تحارب هذا الرجل؟ هل سفك دما، هل انتهك عرضا، هل اغتصب مالا، أيليق بك يا نعيم، أن تحارب رجلا رحيما، فحاور نفسه، وكم إنسان يرتكب أبشع الأغلاط وهو غافل، فقال أيليق بك يا نعيم، وأنت العاقل أن تحارب هذا الرجل، ماذا فعل هذا الرجل ؟ ماذا فعل أصحابه ؟ ومازال يحاور نفسه، ويؤنبها، ويبحث عن الصواب، إلى أن وقف واتجه نحو معسكر النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي فى دهشه، زعيم قبيلة معادية، قال له نعيم ؟

 

قال يا نعيم ما الذي جاء بك إلينا، قال جئت لأعلن إسلامي، سبحان الله بساعة تفكير، ساعة إعمال عقل، ساعة تأمل ساعة حديث مع الذات، انقلب من رجل مشرك يحارب الله ورسوله، إلى رجل مؤمن، قال له امرني يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعركة على وشك أن ينتهي الإسلام، قال بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته، والله عز وجل قال فى سورة الأحزاب ” هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا” فالإنسان المراقب يوقن أنه بقي للإسلام ساعات، ما اجتمع في الجزيرة عشرة آلاف مقاتل جاءوا ليستأصلوا الإسلام، فقال له امرني، قال له أنت واحد، فقال عليه الصلاة والسلام” خذل عنا ما استطعت”

 

فهذا الرجل الواحد استطاع أن يدخل إلى قريش، وأن يوقع بينها وبين اليهود الذين نقضوا عهدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال اليهود ندموا على نقض عهدهم مع محمد صلى الله عليه وسلم، الآن سيطلبون منكم رهائن كي لا تتخلوا عنهم، وهذه الرهائن سوف يقدمونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقتلهم، وقال لقريش كلام معاكس، فقد وقع بين قريش واليهود ما فيه الشقاق، والله عز وجل دعم الموقف لأنه أرسل رياحا عاتية، قلبت قدورهم، وأطفأت نيرانهم، واقتلعت خيامهم، وكفى الله المؤمنين القتال، يعني أيام الإنسان موقف واحد يسعد به إلى أبد الآبدين، مثل هذا الصحابى نعيم وهى لحظة عقل واحدة، نقلته من مشرك مقاتل إلى جهنم إلى مؤمن صحابي جليل، نترضي عنه إلي الآن.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار