المقالات

الدكروري يكتب عن الرحمة عماد الدعوة إلى الله

الدكروري يكتب عن الرحمة عماد الدعوة إلى الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من الرحمة والبر بالوالدين هو الانفاق عليهما وقت الكبر ووقت العجز عن النفقة، وإن كثيرا من الآباء والأمهات اليوم لا يستطيعون الإنفاق على أنفسهم، لأن شبابهما وقوتهما وصحتهما وما آتاهما الله قد ضعفت، وكثير من الأحوال عندما يكبر الشاب يجحد حقهما في النفقة، ويبلغ بمستواه هذا أخلاق اليهود والذين أشركوا، فإن الذي يبلغ به العقوق إلى أن يحرم والديه النفقة فخلقه خلق اليهود والذين أشركوا والعياذ بالله، بل نفقة الوالدين واجبة على الولد على رغم أنفه، ومهما حاول أن يتمرد فإنه يجبر ويحبس حتى يؤدي النفقة إليهما، وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى، خلق الله النار رحمة يخوف بها عباده لينتهوا، والرحمة عماد الدعوة إلى الله وأعظم السبل لإيصال الخير للغير.

فالدعوة لن ولا تنتشر بالقوة التي خلاف الرحمة والرأفة الحقيقية وهذا ليس إنكارا للجهاد فإنه من الرحمة لكثير من عباده إذ أن أعداء الله قد يقفون لصد الناس عن رحمة الله، وتفضل الله وقدم رحمته عند عصيان عباده على غضبه ليصنع لهم مطمعا في التوبة وحتى لا يصل بهم الأمر إلى القنوط فلا يتوبون، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “لمّا خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي” رواه البخاري ومسلم، ومن رحمته سبحانه وتعالى أن عدد الرحمات ففي الدنيا جعل لها رحمة واحدة من باب الابتلاء فلا يذهب إليها إلا مؤمن، وأما الآخرة فقد انتهى العمل وعظم الخطب وبلغت القلوب الحناجر ولم تبقى إلا رحمة أرحم الراحمين.

فكانت تسعة وتسعون رحمة فمن لمي يصب منها شيئا فهو شقي، وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة” رواه مسلم، ومن رحمة الله عليك أن يضع الله في قلبك رحمة على الضعفاء فإن هذا علامة الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول “لا تنزع الرحمة إلا من شقي” رواه الترمذي، ولذا لما أتى الإعرابي وتفاجأ أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يقبل صبيا، صرح بأنه ليس لهم عندنا مثل ذلك.

فكان الرد كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت جاء أعرابي إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال تقبّلون الصبيان فما نقبلهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة” رواه البخاري ومسلم، فمن لم يكن له ميل إلى رحمة الضعفة والمساكين فقد نزع منه رحمة ربما لا تدركه بعدها رحمة الله لا في الدنيا ولا في الآخرة بل أن الأمر أبعد من ذلك فقد ربط الله رحمته وتحققها للمرء بأن يحققها هو مع الناس، فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يرحم الله من لا يرحم الناس” رواه البخاري ومسلم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فكان أمر العصاة في دائرة اهتمامه ويفرح كما يفرح الله بتوبة عبده.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار