منوعات

الدكروري يكتب عن الزواج آية من آيات الله

الدكروري يكتب عن الزواج آية من آيات الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد جعل الله تعالى الزواج سنة في عباده، وآية من آياته العظيمة الدالة على عظمته، وقد وضع الله تعالى في الذكر والأنثى دوافع طبيعية ونوازع فطرية تكفل للنوع الإنساني البقاء والاستمرار، منذ عهد آدم وحواء إلى وقتنا الحاضر، بل إلى أن يأذن الله سبحانه بفناء العالم، ويرث الأرض ومن عليها، وعزز تلك الدوافع والنوازع بضوابط وقواعد تكفل للنسل أحسن السبل، وأسلم الطرق، وأكرمها في الوجود والاستمرار، وإن حب البقاء، والشوق إلى دوام الحياة فطرة بشرية تجعل النفوس نزاعة إلى الخلف لأنها ترى فيه امتدادا لحياتها، وقد كفلت الشريعة الإسلامية حفظ النسل، وجعلت حفظ النسل مقصدا من مقاصدها التي يُراد تحقيقها بتطبيقها، إذ أن حفظ النسل قد أحيط بسياج من تشريعات متعددة ومتنوعة، تقصد جميعها إلى تحقيق هذا المقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية.

 

أما عن ترتيبه في جملة المقاصد، فهو يمثل المقصد الرابع بعد حفظ الدين والنفس والعقل، وبذلك يحتل درجة رفيعة ومنزلة متقدمة حيث إن حفظ الدين هو المقصد الأول، الذي من أجله خلق الله الخلق، ثم حفظ النفس وهي الوعاء، ثم حفظ العقل، وهو جزء لا يتجزأ عن النفس، ثم حفظ النسل، وهو نتاج المقصد الثاني والثالث، فبدون تحقق هذين المقصدين لا يمكن بأي حال تحقيق مقصد حفظ النفس، وإن الإسلام حرص كل الحرص على الإنسان، ذلك الكائن الكريم على الله تعالى، الذي خلقه وكرمه، وأودع فيه من آياته، ومن أجله خلق الكونَ وما فيه وسخره له، لذا قدمته الشريعة الإسلامية الإلهية على الماديات، فكانت المقاصد الأربعة، وآخرها حفظ النسل متمركزة حول الإنسان، ثم جاء مقصد حفظ المال وما في معناه من الممتلكات المختلفة تاليا.

 

وهكذا يتقدم مقصد حفظ النسل على المادة والمال، فتتضح مكانته وتبرز أهميته في الشريعة الإسلامية، وإن من أجل تحقيق هذا المقصد العظيم، لقد شرع الإسلام المبادئ والتشريعات لهذا الموضوع ومنها الوسيلة الأولى وهى الإيجاد وتحقيق المصالح، فحفظ النسل في الشريعة الإسلامية مرتبط بقضية جوهرية وأساسية، وهي قضية وجود هذا النسل، حيث وضعت الشريعة الإسلامية منهجا واضحا ومحددا، يتمثل في نظام النكاح الإسلامي، ليكون الطريق الشرعي الوحيد الذي يوجد منه النسل، وهذا المنهج يتضمن عدة محاور، وهي مشروعية النّكاح حيث شرع الإسلام النكاح، ورغب فيه، واعتبره الطريق الفطري النظيف، الذي يلتقي فيه الرجل بالمرأة، لا بدوافع غريزية محضة، ولكن بالإضافة إلى تلك الدوافع، يلتقيان من أجل تحقيق هدف سام نبيل، وهو حفظ النوع الإنساني.

 

وابتغاء الذرية الصالحة التي تعمر العالم، وتبني الحياة الإنسانية، وتتسلم أعباء الخلافة في الأرض، لتسلمها إلى من يخلف بعدها حتى يستمر العطاء الإنساني، وتزدهر الحضارة الإنسانية، في ظل المبادئ النبيلة، والقيم الفاضلة، وإن النكاح هو عقد الزواج الذى يحل به الوطء وقد اتفق العلماء على أن النكاح في حالة التوقان والخوف من الوقوع في الحرام واجب، وأما في حالة الاعتدال فقال الجمهور بأنه مندوب وكذلك فإن الزواج له مقصد أصلي، ومقاصد أخرى تبعية مكملة للمقصد الأصلي، وهو المحافظة على النسل، وحفظه من الانقطاع، وأن الله تعالى خلق الشهوة في الرجل والمرأة كقوة دافعة، وقاهرة في كلا الطرفين كي تكون سببا تجعل كلا منهما يتطلع إلى لقاء الآخر بوازع طبيعي قاهر، ولا يختلف عن وازع الأكل والشرب إلا بالإعتبار.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار