المقالات

الدكروري يكتب عن السلام هو الحياة

الدكروري يكتب عن السلام هو الحياة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن دين الإسلام هو دين الخلق العظيم، والأدب الجمّ الكريم، يربط بين أفراده بروابط قويمة، ويدلهم على سبل الود المستقيمة،

ويسعى إلى تربية المسلم على التعايش الجماعي النظيف، والعيش السلمي الشريف ويزرع في نفس المسلم حب إخوانه المسلمين والاقتراب منهم،

ويقلع من داخله الحقد والبغضاء تجاههم، وإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار،

فالحياة الآمنة لا تدعو الشخص إلى متابعة نشرات الأخبار واحدة تلو الأخرى،

فالسلام هو الحياة بعينها، فلن يعرف معنى السلام ويحسّ بحلاوته إلا من عاش ويلات الحرب،

فعاين الدماء والقتل والجوع والتهجير ورفض الجميع من احتضانه فالجميع يستطيع الحرب،

لكن ليس الجميع يستطيع السلام فهو يحتاج إلى قلب رؤوم وفكر نافذ وبصيرة حية

فعندما يبحث الرجل في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجده.

وقد أبرم مع المشركين عقدا وحلفا للسلام في صلح الحديبية وكان صلحا مع المشركين في شروط جائرة للمسلمين،

ومع هذا قبل بها صاحب العقل المتوقد عليه الصلاة والسلام، فدائما يجب الجنوح إلى الحلول السياسية

التي تكف دماء المسلمين فالخاسر الأكبر في لعبة الحرب هو الإنسان الذي يخسر نفسه ومكانته ووطنه وكرامته

حتى يصل به الأمر لأن يكون متسولا على قارعة الطريق يستجدي شفقة الجميع، فيدفع ثمن فاتورة لم تكن له يد فيها لكنها الحرب،

وإن السلام يفتح باب الازدهار والتطور للبلد فعندما تتوافر أسباب الراحة يجد الإنسان نفسه وقد طور العمران والسياحة والعلم والتكنولوجيا،

أما في الحرب فإنه يقف عاجزا حتى عن تأمين نفسه وأطفاله وعائلته كلها، وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم

رسول أمن وسلام فكان يبعث برسله إلى البلد فإما يسلموا أو القتال.

فعندما يسلموا يكف الرسول يده عنهم فقط الإسلام وبعدها كفى الله المؤمنين شر القتال وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أصبح مُعافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا” فهذا كلام سيد الخلق ورسول العالمين الذي أتى فاتحا الأرض لأجل الإيمان، إذ لن يكون هناك سبب أقوى من الإسلام لشن الحروب لكن مع هذا ابتعد عن ذلك قدر الإمكان، فعلى الإنسان أن يحكم عقله في هذه الأمور فلا يكون طائشا مندفعا حتى لا يتحمل دفع ضريبة ربما تصل إلى فقدان عائلته ونفسه، فإن مثل أي حمامة بيضاء تحلق في فضاء سبع سماوات لا تزال النفس البشرية تحلم أن تحلق في عالم لا تكدره الضغائن، ولا تعكر صفوه الحروب، أو يسلب الظلم منه حاجاته الأساسية للعيش الكريم، ومن هنا يشكل السلام معناه الأول بفكرته البسيطة في قلوب البشرية جمعاء.

ولا يستثني منها أحدا، بل هو مطلب أول لأي حياة، إذ تتعدد معانيه، وعلى رأسها الصلح أو النجاة الذي تتضمنه الكلمة، ولكن معناه الموازي للأمان يجعل من فقدانه تهديدا لوجود الإنسان على هذه الأرض، ولا يمكن لأي فكرة وجودية مضطربة أن تبني إنسانا فاعلا، وبهذا يمكن القول أن السلام مرادف لفكرة الوجود في معناها الضروري، وقد عملت كثير من الدول لتحقيق هذا المطلب في حياة الشعوب، فأقامت مؤتمرات السلام العالمية، وأنشأت جائزة لمن يساهم بنشره على نطاق واسع وهي جائزة نوبل للسلام، وإن أهمية هذا المطلب، وهو السلام توازي أهمية الوجود الإنساني، إذ لا حياة مع الحرب المناقضة لضرورة بقاء الإنسان، وإن ما تحقق من تطور في جميع المجالات أسهم في صور لا محدودة من إتاحة الغزو التي تمارسه الدول القوية على الدول الضعيفة.

الدكروري يكتب عن السلام هو الحياة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار