المقالات

الدكروري يكتب عن السلطان المنصور قلاوون

الدكروري يكتب عن السلطان المنصور قلاوون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن السلطان المنصور قلاوون

لقد ذكرت أغلب المصادر التاريخية وخاصة مصادر هذا العصر عن لقب الألفي وهو لقب أطلق على السلطان المنصور قلاوون وذلك نسبة إلى قيمته، فقد اشتراه أستاذه الأمين علاء الدين بألف دينار وقد ارتفعت قيمته لحسن سيرته، وبعد أن تم إجبار الملك السعيد على خلع نفسه ورحيله إلى الكرك عرض الأمراء السلطنة على الأمير سيف الدين قلاوون الألفى إلا أن قلاوون الذي كان يدرك قوة الأمراء والمماليك الظاهرية رفض السلطنة قائلا للأمراء ” أنا ما خلعت الملك السعيد طمعا في السلطنة، والأولى ألا يخرج الأمر عن ذرية الملك الظاهر ” فأستدعى سلامش الذي كان طفلا في السابعة من عمره إلى قلعة الجبل وتم تنصيبه سلطانا بلقب الملك العادل بدر الدين ومعه قاضى القضاة برهان الدين السنجارى وزيرا. 

 

وعز الدين أيبك الأفرم نائبا للسلطنة وقلاوون الألفى أتابكا ومدبرا للدولة وكتب إلى الشام بما تم فحلف الناس بدمشق كما وقع الحلف بمصر أصبح قلاوون هو الحاكم الفعلى للبلاد، وأمر بأن يخطب بإسمة واسم سُلامش معا في المساجد وبأن يُضرب اسمه مع اسمه على السكة كما شرع في القبض على الأمراء الظاهرية وإيداعهم السجون بينما راح يستميل المماليك الصالحية عن طريق منحهم الاقطاعات والوظائف والهبات بهدف سيطرته الكاملة على البلاد تمهيدا لاعتلاءه تخت السلطنة ولما أحس قلاوون أن البلاد قد صارت في قبضته بالكامل استدعى الأمراء والقضاة والأعيان بقلعة الجبل وقال لهم ” قد علمتم أن المملكة لا تقوم الا برجل كامل” فوافقه المجتمعون وتم خلع سُلامش بعد أن ظل سلطانا اسميا لمدة مائة يوم.

 

وتم تنصيب قلاوون سلطانا، وبدأ السلطان قلاوون ولايته بمحاربة الخارجين عليه كالأمير سنقر الأشقر، حيث بعث إليه حيث هو بالشام جيشا بقيادة الأمير سنجر، وظلا في سجال من القتال حتى توالت الأنباء بقرب عودة التتار فكتب السلطان المنصور إلى سنقر “إن التتار قد أقبلوا، والمصلحة أن نتفق عليهم، لئلا يهلك المسلمون بيننا وبينهم، وإذا ملكوا البلاد لم يدعوا منا أحدا” فكتب إليه سنقر بالسمع والطاعة، في السابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة من عام ستمائة وثمانين من الهجرة، وصل الخبر بقدوم منكوتمر بن هولاكو بجيشه إلى عنتاب، فخرج إليه السلطان وعسكر في حمص، واستقدم سنقر الأشقر وقواته، ودخل التتار حماة فخربوا فيها، ثم وصلوا إلى حمص حيث التقى الجمعان في حمص. 

 

في الرابع عشر من شهر رجب سنة ستمائة وثمانين من الهجرة، وقد اضطربت ميمنة المسلمين في البداية، ثم الميسرة، وثبت السلطان ومن معه ثباتا عظيما، ماحمل الأمراء والقادة على الانقضاض على التتار وكسروهم كسرة عظيمة، وجرحوا ملكهم، وقتلوا منهم الكثير، وكانت مقتلة تفوق الوصف، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين انتصارا مظفرا، ودخل السلطان المنصور دمشق في أبهة النصر في الثاني والعشرين من شهر رجب سنة ستمائة وثمانين من الهجرة، وبين يديه الأسرى، وحاملين معهم رؤوس قتلى المغول على الرماح، وقد عزم السلطان المنصور على استكمال رحلة الجهاد ضد الصليبيين التي بدأها أسلافه، ففي سنة ستمائة وأربع وثمانين من الهجرة، فتح قلعة المرقب وبانياس وفي سنة ستمائة وثماني ثمانين من الهجرة. 

 

فتح طرابلس وهي لبنان، بعد حصارها واستعمال المنجنيق وغنم جيشه غنائم عظيمة، وكما عزم السلطان على المسير إلى عكا إلا أن الأجل لم يمهله، فكان شرف فتحها لولده الذي خلفه، السلطان البطل الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون، وتوفي السلطان قلاوون بقلعة الجبل بالقاهرة في السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ستمائة وتسع ثمانين من الهجرة، وفيها وتم تغسيله وتكفينه، ثم حُمل إلى تربته الواقعة ضمن ما يعرف بمجموعة السلطان المنصور قلاوون في منطقة بين القصرين وهو شارع المعز، فدُفن فيها، ولا تزال هذه المجموعة العمرانية شاهدة على عظمة هذا السلطان وازدهار عهده. 

الدكروري يكتب عن السلطان المنصور قلاوون

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار