الدكروري يكتب عن العمل الصالح بين قوسين
الدكروري يكتب عن العمل الصالح بين قوسين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
قال ثور بن يزيد قرأت في بعض الكتب أن نبي الله عيسى عليه السلام قال يا معشر الحواريين كلموا الله كثيرا وكلموا الناس قليلا قالوا كيف نكلم الله كثيرا ؟ قال ادخلوا بمناجاته واخلوا بدعائه، وعن رياح قال كان عندنا رجل يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة حتى أقعد من رجليه فكان يصلي جالسا ألف ركعة، فإذا صلى العصر، احتبى فاستقبل القبلة، ويقول عجبت للخليقة كيف أنست بسواك، بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك، وقال أبو أسامة دخلت على محمد بن النضر الحارثي فرأيته كأنه منقبض فقلت كأنك تكره أن تؤتى ؟ قال أجل فقلت أوما تستوحش ؟ فقال كيف أستوحش وهو يقول أنا جليس من ذكرني.
وإن من مفاتيح الفرج هو العمل الصالح، والعمل الصالح بين قوسين كل ما كان خالصا لله، صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه عمل صالح، وأول الأعمال الصالحة هو القيام بالواجبات، فإن العمل الصالح سبب للحياة الطيبة، والحياة السعيدة، فقد قال الله سبحانه وتعالى ” من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه” فالله الله بالعمل الصالح تزود منه، فإنه سبب لتفريج همك، وغمك، وقضاء دينك، وحياتك الطيبة، وسعادتك الجميلة، ومن ذلكم جعل الآخرة هي الهم الأكبر بالاستعداد والتهيؤ لها، فقال تعالى ” وتزودوا فإن خير الزاد التقوى” ومن المفاتيح هو كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سيما في مواطنها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذن تكفى همك ويغفر ذنبك” فلهذا عليك أن تكثر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا وليعلم أنه ليس المقصود من الصلاة التلفظ بها دون العمل بمقتضاها، أو الرسائل بأى وسيلة وغير ذلك يوم الجمعة وليلتها، هذا لا يكفي، بل الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أعلى وأَجل وأعظم وهو اتباعه ومحبته، والانقياد لأمره، وتعظيم شرعه صلوات الله وسلامه عليه، ومن المفاتيح أيضا هى الصلاة والتنفل بها، فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة” وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، واشتد عليه الخطب.
وعظم عليه الكرب قام يصلي صلوات الله وسلامه عليه، ولما تغير الكون بالكسوف قام يجر رداءه عليه الصلاة والسلام وصلى صلاة لا نظير لها، ولما غارت الآبار، وطلب الصحابة من النبي المختار الأمطار قام وصلى صلاة الاستسقاء، وأرشد من تحيّر في أمره وتردد في فعله أن يصلي صلاة الاستخارة، فالصلاة عنوان الفرج، وسبب لذهاب الضيق والمخرج، وذات يوم عليه الصلاة والسلام استيقظ في آخر الليل، فقال ” لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب من يوقظ صواحب الحجرات لكى يصلين” فإن من توكل على الله كفاه، ومن توكل على الله وقاه، ومن توكل على الله حماه، فتوكلوا على الله في جميع أموركم وشئونكم.
وجميع أحوالكم، ومن ذلكم الصبر وهو حبس اللسان عن التلفظ بما يسوء الإنسان، وحبس القلب عن التسخط والجزع، وحبس الجوارح، فمن صبر ظفر، وعند المضائق والمآزق يأتي الصبر في أولويات ذلك، فقد قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه يوما ” اصبروا حتى تلقونى على الحوض” وقال تعالى ” واستعينوا بالصبر والصلاة” و”عجبا لأمر المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له” وليس ذلك إلا للمؤمن، فحينما تلم بك النكبات والأزمات فاصبر لرب الأرض والسماوات، ومن ذلكم الدعاء، سؤال الله تعالى لاسيما في أوقات الإجابة، كالسجود وأوقات السّحر وعصر يوم الجمعة، وغير ذلك من أوقات ومظان الإجابة.