الدكروري يكتب عن اللسان ووحدانية الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن هذا اللسان الذي في فم الإنسان هو دليل على وحدانية الله عزوجل لأنه من آياته العظيمة، فيقول تعالى فى سورة الروم ” ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف السنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين” ولقد خلق الله اللسان ليعبر عما في القلب, فالله جعل لكل قوم لهجة ولسانا، حتى اللغة الواحدة فيها من اللهجات العدد الكثير، وإن اللسان له آفتان جامعتان، الكلام شيطان ناطق، والسكوت شيطان أخرس، وإن تفصيل تلك الآفات يتجلى في أمور، وهى قد يكفر الإنسان بلسانه، فيخرج من دين الله إلى الكفر، بسبب كلمة لا يلقى لها بالا، فقال صلى الله عليه وسلم”إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يتبين فيها, يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة” رواه أحمد.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم لمن استوصاه “امسك عليك لسانك” وبهذا اللسان دخل المسلم الدين, وبه قد يخرج منه، فقال معاذ رضي الله عنه “يا رسول الله أو نحن مؤاخذون بما نتكلم به؟ قال “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟” رواه أحمد، والترمذى، أى إلا بسبب هذا اللسان، فكم من رجل قال كلمة كفر، فكتب الله عليه بها سخطه وغضبه إلى يوم يلقاه، وإن من أنواع الكفر باللسان هو الاستهزاء والسخرية بهذا الدين, واسمع إلى ما جرى فى غزوة تبوك التي كان فيها النبى صلى الله عليه وسلم قائدا، فقد قام أناس يسيرون في قافلة النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا بألسنتهم عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم”ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء”
أى أبو بكر, وعمر, وعثمان, وعلى, وأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم “أرغب بطونا, ولا أجبن عند اللقاء” أى أن الصحابة لا يهمهم إلا الطعام, وكذلك هم جبناء في القتال، فهذه كلمة سخروا بها ممن رضي الله عنهم، فأنزل الله على النبى صلى عليه وسلم، وهو على ناقته فى سورة التوبة” قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهئزون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم” وهذا هو انتصارا لأولياء الله, وأخذ الحق للصالحين، ثم إن هؤلاء القوم الذين تكلموا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقوا بالنبى صلى الله عليه وسلم لما سمعوا الآية، فطلبوا منه أن يستغفر لهم، فكان جوابه ” أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهئزون” أى كنتم تسخرون وتضحكون، فكيف سيلاقى الله من إذا رأى الصالحين سخر من لباسهم أو من لحيتهم أو سواكهم؟
وكيف سيجد الله من يرى المرأة المتحجبة التي تحجبت طاعة لله، وحبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفظت نفسها, ولم تدنس شرفها، فيقول انظر إلى هذه الخيمة المتحركة، وكيف سيقابل الله من سخر من كتاب الله؟ أو سخر من رسول الله؟ وإن من الاستهزاء بالدين، هو الاستهزاء بأحكامه, كمن يبلغه حكم الله، فيقول كيف هذا؟ هذا لا يصلح, أو هذا غير صحيح, وهذا قول قديم, ورجعية، وتخلف، كلمة يهوى بها في نار جهنم سبعين خريفا، لذلك أرشد النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه إذا وجدوا في قلوبهم شيئا من الشك مما قد يدور في خلجات النفوس، أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم, ومن وسوسته ونفثه ونفخه، إذ أن هذا لا يستقيم مع الايمان.
الدكروري يكتب عن اللسان ووحدانية الله