بقلـم / محمـــد الدكـــروري
لقـد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن الصيام وعن أحكامة وشروطه، وإن النية شرط في الصيام، والنية في الفقه غيرها فى التصوف والسلوك، فالأولى عزم القلب على الصيام أى نية العبادة والثانية إرادة ما عند الله بهذه العبادة وهو الإخلاص، وكلاهما مطلوب من الصائم ففوات الأولى لا يكون معه صيام ، وفوات الثانية لا يكون معه ثواب وإن تحققت ألأولى، والذى رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن من لم يستطع أن يوقن بأن غدا من رمضان أم لا، كمن ينام قبل ظهور الهلال فإنه يكفيه أن ينوى أنه صائم غدا إذا كان غدا من رمضان وإن لم يكن من رمضان فهو مفطر، وإن تهيئة السحور نية، والتلفظ غير مطلوب، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن النية تحصل ضرورة لمن علم أن غدا من رمضان وهو يريد الصوم.
ومعنى حصولها ضرورة أنها ليست شيئا أكثر من أن تعلم أن غدا من رمضان وأنت تريد الصوم، وكل المسلمين الذين يصومون يفعلون ذلك، وليس مطلوبا منهم أكثر من ذلك، والنية قبل الفجر مطلوبة في صيام شهر رمضان والنذور والكفارات وقضاء رمضان، وكل صيام واجب ولا تصلح النية في هذه الأنواع بعد الفجر، والنية فى النافلة أوسع منها في الواجب، فللشخص أن ينوى صيام النافلة حتى الظهر، وزاد بعضهم حتى وسط النهار، ولكن الجزء الذى قبل النية لا ثواب فيه، وقول الإنسان سأصوم إن لم أجد في بيتي إفطارا فهو جائز على ما حققه بعض الشافعية، واختلف العلماء هل رفض نية الصيام يبطل الصيام أم لا، وذهب غير واحد إلى أن رفض هذه النية لا يبطل الصيام، ولكن هذا من ناحية الإبطال والإفساد.
وأما من ناحية الأجر فالحديث واضح أنه ” وإنما لكل امريء ما نوى” وهذا لم ينوى الصيام فكيف يؤجر؟ والجمع بين نيتين واجبتين عبث كمن يصوم يوما واحدا ينوى به قضاء ووفاء لنذر وبعض الفقهاء يبطل الصيام بهذه النية، وبعضهم يصرفها لأقوى النيتين، والجمع بين صيام النافلة والواجب مثل صيام قضاء رمضان مع نية نافلة شوال، وهى محل خلاف بين العلماء، والأولى ترك ذلك، وقد أفتى الشيخ ابن باز بأن من حشا سنه بحشوة طبية فوجد طعمها في حلقه فلا يضر ذلك صيامه، وعلى هذا فمن نوى الصيام من الليل ثم أعطى بنج قبل الفجر ولم يفق إلا بعد الغروب فصومه غير صحيح، ولكن لو أخذ البنج بعد الفجر ولو بلحظة فصيامه صحيح أيا كان وقت استفاقته، وكذلك يكون صومه صحيحا لو أخذ البنج قبل الفجر واستفاق في النهار.
ولو لحظة سواء أعقب الاستفاقة غياب أم لا، ومثله في هذا التفصيل المغمى عليه وهذا ما عليه جمهور الفقهاء، وأما النائم فلا يبطل صومه حتى لو استغرق نومه النهار كله متى نوى الصيام، والتخدير الصيني لا يؤثر على الصيام، وهو يتم بإدخال إبر جافة إلى مراكز الإحساس تحت الجلد فتستحث نوعا من الغدد على إفراز المورفين الطبيعي الذى يحتوى عليه الجسم، وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس، وقد دلت السنة الصحيحة على أن من استقاء فقاء أى من تعمد الاستقاءة فتقيء، فقد أفطر، ، وذكر الشيخ ابن العثيمين لو غلبه القيء فعاد بنفسه لا يفطر لأنه بدون إرادته ولو أعاده هو أفطر، وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره.